للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومشحذًا لقوة الفكر والعقل، فيكون بالنسبة إلى أدلة العقول كالعروض بالنسبة إلى الشعر، والنحو بالإضافة إلى الإعراب» (١).

ومن تطبيقات التعيير بعلم المنطق:

جاء في (الدر المختار) في كلامه عن نيّة العبادة: «وصرّحوا ... بأنها فرض في الوضوء المأمور به».

قال صاحب (رد المحتار) مستدركًا: «قوله: (وبأنها فرض الخ) الصواب أن يقال: وبأنها شرط في كون الوضوء عبادة لا مفتاحًا للصلاة، فإن تارك النية لا يعاقب عقاب ترك الفرض، وانتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم، والشرط لا يكون فرضًا إلا إذا كان شرط الصحة، وهذا ليس كذلك، بل هو شرط في كون الوضوء عبادة فقط. ا. هـ. ح» (٢).

فاستدرك صاحب (رد المحتار) على كون نية العبادة فرضًا في الوضوء المأمور به، وأن الصحيح في اللفظ أن تكون هذه النية شرطًا لا فرضًا، لأن من لوازم الحكم عليها بالفرضية القول بلزوم معاقبته عقاب ترك الفرض، وهذا لا يكون في هذه المسألة، فلما انتفى اللازم - وهو القول بمعاقبة تارك هذه النية عقابَ تارك الفرض - انتفى ملزومه - وهو القول بأنها فرض في الوضوء المأمور به.

وقاعدة (انتفاء اللازم يستلزم انتفاء الملزوم) قاعدة منطقية (٣).

النموذج الخامس: التعيير بعلم التاريخ.

فحقائقه معيار على ما خالفها في تقرير حُكم فقهي، فيُستعمل مثلاً في ادعاءات النسخ، أو معرفة التطور الدلالي للمصطلحات، أو مدى صحة نسبة الأقوال للفقهاء


(١) معيار العلم في فن المنطق، (٢٥).
(٢) (١/ ٢٢٥).
(٣) يُراجع: إيضاح المبهم للدمنهوري مع شرح الأخضري، (١٢) وما بعدها. و: شرح السلم المنورق للقويسي مع تقريرات الدروي الشافعي، (٢٤) وما بعدها.

<<  <   >  >>