للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمقصود بهذا التنويع النظر إلى الاستدراك الفقهي من جهة ارتباطه بمحل العمليات العقلية الإدراكية المُستدرَك عليها فقهيًّا، فالمتعلقُ هنا معنويٌّ.

ويُمكن حصر نواحي المتعلقات العقلية في ثلاثة أقسام: تصورات، وتصديقات، ومعقولات؛ ذلك أن الناظر في المعاني لا يخلو حاله من ثلاث حالات:

- أن يقع في ذهنه مجرد معنى مفرد دون الحكم عليه بشيء، وهذا هو التصور.

- أن يحكم على ذلك المعنى المفرد بحكم، وهذا هو التصديق.

- أن يستثمر العلاقة بين التصور والتصديق لتعديتها إلى قضايا أخرى، وهذا هو المعقول (١).

وكل الأقسام قد طالها الاستدراك الفقهي، وأناقش ذلك في المسائل التالية:

المسألة الأولى: الاستدراك الفقهي على التصورات، وتطبيقاته.

والتصورات جمع تصور، والجمع لتعدد الأنواع.

والمقصود بالتصورات هنا بابها، وليس المقصود ذات التصور دون التصوير، فيدخل في هذا النوع التصوُّر الذي هو عملية إنشاء الصورة، كما يدخل التصوير الذي هو أداءٌ لناتج التصوّر.


(١) يُنظر في تعريف التصورات والتصديقات: شرح السلم المرونق، القويسي، (١٠ - ١١). وضوابط المعرفة وأصول الاستدلال والمناظرة صياغة للمنطق وأصول البحث متمشية مع الفكر الإسلامي، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، (١٨).
ومعقول المعنى هو: «ما يمكن أن يعقل معناه من الأحكام، فيكون قابلاً للقياس عليه، ويُقال: لا تعدية بدون معقولية». [معجم مصطلحات أصول الفقه، قطب مصطفى سانو، (٤٢٢). ويُنظر: المستصفى، (١/ ١٧). و: نفائس الأصول، (٢/ ٦٦٠).]
وهذه التعدية قد تكون لعلة جزئية أو لعلة كلية. [يُنظر كلام ابن عاشور في أن أحكام الشريعة قابلة للقياس عليها باعتبار العلل والمقاصد القريبة والعالية: مقاصد الشريعة الإسلامية، (١٠٤)].

<<  <   >  >>