للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الرابع: أثر الاستدراك الفقهي على العلاقات الإنسانية، وتطبيقاته.

وأقصد بالعلاقات الإنسانية علاقة الفرد بالفرد، وعلاقة الفرد بمجتمعه، وعلاقة المجتمعات بالمجتمعات بمختلف الصُعُد حتى الصعيد الدولي.

والاستدراك الفقهي مجالٌ واسعٌ من مجالات التواصل الإيجابي بين أفراد المجتمع، هذا التواصل الذي حثّ عليه الإسلام كما في مثل قوله تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ} (١). والاستدراك الفقهي صورة من صور الأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس.

وقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (٢) وقد تقرر في تأصيل الاستدراك الفقهي أنه من التعاون على البر والتقوى (٣).

والاستدراك الفقهي على عمل له أثره على العلاقات الإنسانية في صور شتى، فقد يلمّ شمل أسرة، أو يدفع عن مظلوم مظلمة، أو يرد مسجونًا إلى أهله، أو يدرأ حدًّا عن محكوم عليه بالخطأ، أو يُصلح أمر راعٍ لرعيته، أو أمر رعيةٍ لراعيها، بل يمتد إلى المستوى الدولي؛ لأن النقل الخاطئ للنصوص، أو التأويل الخاطئ لها، أو الفهم المجتزأ لها قد يؤدي إلى تبني أفكار وأحكام تكون في ذاتها خاطئة، أو صحيحة ولكن تُنزّل على غير مناطها الصحيح، سواء في ذلك على المستوى الفردي أو الجماعي الصغير أو على مستوى المجتمع الدولي.

وأكتفي بالتطبيق ببعض صور التأثير في العلاقات الإنسانية، مما يحصل به إبراز هذا الأثر، وليس المقصود استقصاء جميع صور التأثير في العلاقات الإنسانية.

ومن تطبيقات هذا الأثر موقف ابن عباس - رضي الله عنهما - مع الخارجين على علي - رضي الله عنه -، فقد كان لاستدراكه عليهم أثرٌ في إصلاح أمر الرعية للراعي.


(١) النساء: ١١٤.
(٢) المائدة: ٢.
(٣) يُنظر: (٩٧)، من هذه الرسالة.

<<  <   >  >>