للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في (مستدرك الحاكم) بسنده عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لما خرجت الحرورية (١) اجتمعوا في دار، وهم ستة آلاف، أتيتُ عليًّا، فقلت: يا أمير المؤمنين! أبرد بالظهر (٢)؛ لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم. قال: إني أخاف عليك. قلت: كلا. قال ابن عباس: فخرجت إليهم، ولبست أحسن ما يكون من حلل اليمن. قال أبو زميل (٣)

: كان ابن عباس جميلاً جهيرًا. قال ابن عباس: فأتيتهم، وهم مجتمعون في دارهم، قائلون، فسلمت عليهم، فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس، فما هذه الحلة؟ قال: قلت: ما تعيبون عليّ، لقد رأيت على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أحسن ما يكون من الحلل، ونزلت: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} (٤). قالوا: فما جاء بك؟ قلت: أتيتكم من عند صحابة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - من المهاجرين والأنصار؛ لأبلغكم ما يقولون، المخبرون بما يقولون، فعليهم نزل القرآن، وهم أعلم بالوحي منكم، وفيهم أنزل، وليس فيكم منهم أحد. فقال بعضهم: لا تخاصموا قريشا؛ فإن الله يقول: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} (٥). قال ابن عباس: وأتيت قومًا


(١) هم الذين خرجوا على علي - رضي الله عنه - بعد قبوله التحكيم عقب معركة صفين، وسموا بذلك لانحيازهم في أول أمرهم إلى قرية حروراء بالقرب من الكوفة. [يُنظر: دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين - الخوارج والشيعة، أحمد محمد أحمد جلي، (٥١). و: موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب الإسلامية، عبد المنعم الحنفي، (١٧٩)].
(٢) «إبراد الصلاة: تأخيرها قليلا، ويكون ذلك في أوقات الحر، ومنه: أبرد الظهر: إذا أخر صلاته حتى يتمكن من المشي في الظل». [معجم لغة الفقهاء، (٣٨). ويُنظر: غريب الحديث للخطابي، (١/ ١٨٦)].
(٣) أحد الرواة في السند.

وهو «سماك بن الوليد الحنفي، أبو زُميل، بالزاي، مصغرا، اليمامي، ثم الكوفي، ليس به بأس، من الثالثة». [تقريب التهذيب، (٤١٥)]
(٤) الأعراف: ٣٢.
(٥) الزخرف: ٥٨.

<<  <   >  >>