للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث: أثر الاستدراك الفقهي على المعرفة الإنسانية، وتطبيقاته.

ومما تحصّل لي من الآثار في ذلك:

- تقويم طريقة الدرس والتعلّم.

للاستدراك الفقهي أثرٌ في تقويم طريق التعلم للحصول على المعرفة، بتلافي أخطاء التلقي التي أفرزت نتائج خاطئة أو ناقصة في الرأي والتأويل، ويمكن التمثيل على ذلك بما حصل بين اتجاه أهل الرأي وأهل الحديث عندما ظهر الضعف من بعض أهل الحديث في الاستدلال والمناقشة، حيث قال في (الاتجاهات الفقهية): «كان اتهام المحدثين بقلة الفقه وكثرة التصحيف والاشتغال بما لا يفيد من جمع الغرائب والشواذ وغير ذلك سببًا في أن يتنبه المحدثون للدخلاء عليهم من الطلبة السطحيين، فحذروا منهم وحاولوا تأديبهم وتثقيفهم؛ ليسدوا الثغرة التي يؤتون منها» (١). ومثّل بقول ابن قتيبة وأنه رغم حسن بلائه في الدفاع عن أهل الحديث فإنه يتوجّه إلى تقويم هذه الطائفة فقال: «على أنا لا نخلي أكثرهم من العذل في كتبنا في تركهم الاشتغال بعلم ما قد كتبوا، والتفقه بما جمعوا، وتهافتهم على صلب الحديث من عشرة أوجه وعشرين وجهًا، وقد كان في الوجه الواحد الصحيح مقنع لمن أراد الله عز وجل بعلمه، حتى تنقضي أعمارهم ولم يحلوا من ذلك إلا بأسفار أتعبت الطالب، ولم تنفع الوارث، فمن كان من هذه الطبقة فهو عندنا مضيع لحظه، مقبل على ما كان غيره أنفع منه» (٢).

- تحقيق التكامل المعرفي بين العلوم.

وقد تبيّن من فصل معايير الاستدراك الفقهي أن الاحتكام إلى المعايير فعّل الترابط بين العلوم الإسلامية والعربية والطبيعية والإنسانية، فالحكم بالنقص أو الخطأ أو الإيهام على عمل فقهي لا ينفرد بإنتاجه - غالبًا - علمٌ واحد.


(١) (١١٣).
(٢) تأويل مختلف الحديث، عبد الله بن مسلم بن قتيبة، (٨٠).

<<  <   >  >>