للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويؤكد السعدي على خطر الاجتهاد في التنزيل قائلاً: «من أراد الحكم على شيء من الجزئيات فعليه أن يبين دخولها في الأحكام الكلية، وهذا أصل كبير نافع، من أحْكَمَه علماً وعملاً نجح، ومن لم يحكمه غلط غلطًا كبيرًا أو صغيرًا بحسب

ما حكم به من الجزئيات، وجميع الحوادث وجميع أفعال المكلفين داخلة تحت هذا الأصل» (١).

ويُمكن حصر نواحي محل الحكم في ثلاثة: المكان، الزمان، الإنسان، وهي موضع فحص الفقيه المُستدرِك على التنزيل.

وعليه فالكلام هنا على ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: الاستدراك على الاجتهاد في التنزيل باعتبار المكان، وتطبيقاته.

والمقصود بهذا النوع: تلافي خلل في تعيين محل الحكم باعتبار مكانه، بعمل فقهي؛ لإنشاء نفع أو تكميله في نظر المتلافي.

من تطبيقاته:

قال صاحب (الفكر السامي) في ترجمة والده (٢):

«ذاكرته يومًا فيما يقوله بعض المالكية في حكم التجارة بأرض الحرب، حيث كان هو يتجر في أوروبا. فقال لي: لا تكن جامدًا على قول الفروعيين، فإن التجارة المذكورة في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (٣)، كانت بالشام، وهي أرض حرب إذ ذاك،


(١) مجموع الفوائد واقتناص الأوابد، عبد الرحمن بن ناصر السعدي، (١٠٩).
(٢) هو أبو محمد، الحسن بن العربي بن محمد بن أبي يعزى، الحجوي الثعالبي الجعفري الزيني، التازي مولدًا، الفاسي دارًا وقرارًا ووفاةً، والد صاحب الفكر السامي، قرأ القرآن على شيخ المقرئين بتازة السيد علال بن كيران، والفقه على مفتيها بو حجار وبن حنيني وغيرهم، ولازم الفقيه محمد بن المدني جنون، وأحمد بناني، وخاض في التجارة فتعلم اللغتين الإسبانية والإنجليزية، أقبل بكليته على المطالعة في آخر حياته إلى أن توفي سنة ١٣٢٨ هـ.

[يُنظر: الفكر السامي، (٤/ ١٤٧)].
(٣) الجمعة: ١١

<<  <   >  >>