للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن تطبيقاته:

حكى في (المجموع) استدراكات الخطيب البغدادي (١)

على أبي يعلى الفراء، حيث صنف الأخير جزءًا في وجوب صيام يوم الشك. ومن هذه الاستدراكات استدراكه على قياس أبي يعلى صومَ يوم الشك على من نسي صلاة من صلوات هذا اليوم في الوجوب، فقال مُستدركًا بالنقل والعقل: «فهذا قياس باطل؛ لثبوت النص بخلافه (٢)؛ ولأن الصلاة لم تجب بالشك، بل لأنا تيقنّا شغل ذمته بكل صلاة وشككنا في براءته منها، والأصل بقاؤها، بخلاف الصوم، ولا طريق له إلى الصلاة المنسية إلا بفعل الجميع، وإنما نظير مسألة يوم الشك أن يشك هل دخل وقت الصلاة أم لا؟ فلا تلزمه الصلاة بالاتفاق، بل لو صلى شاكًّا فيه لم تصح صلاته» (٣).

المظهر الثاني: الاستدراك الفقهي على معقول في الاستحسان، وتطبيقاته.

والاستحسان اختلف العلماء في تعريفه إلى أربعة معانٍ:

١ - العدول بالمسألة عن نظائرها لدليل خاص بها.

٢ - اعتبار العرف في التعامل مع مسألة خالفت القياس.

٣ - مخالفة القياس رعيًا للمصلحة.


(١) هو: أبو بكر، أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي، الإمام، العلامة المفتي، الحافظ الناقد، صاحب التصانيف المنتشرة. حضه والده على السماع والفقه، فسمع وهو ابن ١١ سنة، وارتحل إلى البصرة وهو ٢٠ سنة، وإلى نيسابور، وهو ابن ٢٣ سنة، وإلى الشام وهو كهل، وإلى مكة، وغير ذلك، وكتب الكثير، وجمع وصنف وصحّح، وعلّل وجرح، وعدل وأرخ وأوضح، وصار أحفظ أهل عصره على الإطلاق، من تصانيفه: تاريخ بغداد، شرف أصحاب الحديث، الفقيه والمتفقه، اقتضاء العلم العمل، توفي ببغداد سنة ٤٦٣ هـ.

[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٨/ ٢٧٠). و: طبقات الشافعية الكبرى، (٤/ ٢٩)].
(٢) وهي الأحاديث التي فيها النهي عن صيام يوم الشك، كما في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ». [صحيح البخاري، (٣/ ٢٧)، ك الصوم، ب بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، رقم (١٩٠٦).]
(٣) (٦/ ٣٠٨).

<<  <   >  >>