للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يكاد يخلو مصنف فقهي من استدراكات، ولكني هنا أذكر المظان التي تكون فيها الاستدراكات الفقهية أقرب تناولاً.

وبالتأمل في طبيعة البحث في استدراكات الفقهاء في النماذج السابقة وغيرها، وفيما تيسر لي الاطلاع عليه من الدراسات المُهتمة بـ (النقد الفقهي) (١) وبتاريخ الفقه وفلسفته (٢)، تحصّل لي أن مظان الاستدراكات الفقهية لها عدة اعتبارات، يُمكن من خلالها لمُّ أجناس المظان، لأكوّن منها مباحث هذا الفصل.

تمهيد: نظرة تاريخية في الاستدراك الفقهي.

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يستدرك على أصحابه في الفهم والتطبيق، وهذا من طبيعة البلاغ المبين الذي كُلّف به.

ونشطت الحركة الاستدراكية بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث انقطع الوحي، وحمل بعض الصحابة من النصوص ما ليس عند بعضهم الآخر، ولبعضهم مزيد اجتهاد وفقه في الاستنباط ما ليس عند بعضهم الآخر، فبلّغوا النصوص، وتبادلوا - مع ذلك - وجوه الاستنباط منها، وعانوا استنباط حكم المسائل عند غياب النص أو إجماله، ويحصل من جرّاء ذلك خلاف واستدراك (٣).


(١) مثل: نظرية النقد الفقهي - معالم لنظرية تجديدية معاصرة، ابن الشلي. و: منهج الخلاف والنقد الفقهي عند الإمام المازري، عشاق. و: الإمام أبو الحسن اللخمي وجهوده في تطوير الاتجاه النقدي في المذهب المالكي بالغرب الإسلامي، المصلح.
(٢) مثل: مقدمة ابن خلدون. و: الفكر السامي، الحجوي. و: تاريخ التشريع الإسلامي. و: الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث في القرن الثالث الهجري، عبد المجيد محمود عبد المجيد. و: محاضرات ابن عاشور.
(٣) وقد جمع الباحث/ محمد عيد أبو كريم استدراكات الصحابة بعضهم على بعض من خلال الكتب الستة في رسالته الموسومة بـ «كشف الغطاء عن استدراكات الصحابة النبلاء - رضي الله عنهم - بعضهم على بعض من خلال الكتب الستة جمعًا ودراسة».

<<  <   >  >>