للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث السابع: معيار مقررات العلوم المكتسبة الأخرى، وأقوال أهل الخبرة فيها، وتطبيقاته.

والعلوم المكتسبة هي الحاصلة عن طريق النظر والاستدلال، وهي على قسمين: علوم عقلية: وهي التي لا تفتقر إلى شرع. وعلوم شرعية: وهي ما تقع عن الشرع. (١)

وقيّدتُ بـ (الأخرى) لإخراج ما يتصل بعلم الفقه، والذي استغرقته المباحث السابقة لهذا المبحث إن أخرجنا المبادئ العقلية المسلمة.

فالتعيير بها مبرّرٌ لأن الشرع لا يُمكن أن يُصادم نتائج العقول اليقينية، والتعيير بأقوال أهل الخبرة فيها لأن أقوالهم مُعتبرة في تحقيق مناط المسألة، فإذا خولفت أقوالهم فيما يُرجع إليهم فيه في مسألة ما استُدرك بأقوالهم.

يُنبه لهذا المعنى صاحب (الموافقات) عند إثباته لمسألة أن المجتهد في الأحكام الشرعية لا يلزمه أن يكون مجتهدًا في كل علم يتعلق به الاجتهاد على الجملة، فقال: «ونحن نمثل بالأئمة الأربعة: فالشافعي عندهم مقلد في الحديث لم يبلغ درجة الاجتهاد في انتقاده ومعرفته، وأبو حنيفة كذلك، وإنما عدّوا من أهله مالكًا وحده، وتراه في الأحكام يحيل على غيره كأهل التجارب والطب والحيض وغير ذلك، ويبني الحكم على ذلك، والحكم لا يستقل بدون ذلك الاجتهاد» (٢).

وينبه هنا إلى أن المُستدرِك قد يكون من أهل الخبرة في علم مع علم الفقه، فيجمع بين التمكن من المعيار والاستدراك به.


(١) يُنظر: التقريب والإرشاد الصغير، محمد بن الطيب الباقلاني، (١٨٥ - ١٨٧). أصول الدين، أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي، (٩). العدة في أصول الفقه، (١/ ٨٢).
(٢) (٤/ ٤٨٠).

<<  <   >  >>