للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بتمحيص مدى اتصال الرواية عنهم، ومعرفة تاريخ الأقوال لمعرفة ما استقرّ عليه قول إمام أو رجع عنه ... وهكذا.

ويُشير في (الاتجاهات الفقهية) من خلال مصطلحي (أهل الحديث وأهل الرأي) إلى أهمية النظر في تاريخ المصطلحات؛ ليسلم استعمالها. فقال: «وإذا استثنينا قليلاً من المحققين الذين وقفوا عند هذه العبارة محاولين الرجوع بها إلى أصل إطلاقها، ومسمى أهلها، فإن الكثرة الغالبة من المؤرخين كانوا يذكرونها نقلاً عمن سبقهم، وتقليدًا لهم، دون عناية بمعرفة حقيقة هذا الإطلاق، ودون إدراك لعامل الزمن في تطويره لهذا المصطلح، مما جعل إطلاقه غير متساوٍ تماما في عصرين مختلفين» (١).

ومن تطبيقات التعيير بعلم التاريخ:

ما حكاه المازري عن المزني أنه يحتج على عدم مشروعية صلاة الخوف بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخر يوم الخندق أربع صلوات ولم يصل صلاة الخوف، فقال المازري مُستدركًا: «وأجيب عن هذا بأنها لم تكن نزلت يوم الخندق، أو بأنه لم يتمكن من إقامتها» (٢).

فالتعيير بعلم التاريخ يظهر في قوله: «لم تكن نزلت يوم الخندق»، وباعتباره فلا حُجة للمزني في الاستدلال بها لأنها حادثة وقعت قبل نزول كيفية صلاة الخوف.

النموذج السادس: التعيير بعلوم الاستقراءات والتجارب.

كالطب والهندسة والفلك والحساب ونحو ذلك.

وصحة التعيير بها يأتي من أن الشرع لا يمكن أن يُصادم النتائج الصحيحة للاستقراءات والتجارب. كما أن نتائج هذه العلوم يُساعد في تحقيق مناط الحكم الشرعي، بتصور واقع وعناصر المسألة.


(١) (٣١).
(٢) شرح التلقين، (١٠٤٢).

<<  <   >  >>