للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تشترك اصطلاحاتٌ أخرى مع الاستدراك الفقهي في سلوك التقويم وتغيّي الإصلاح في الصنعة الفقهية، وقد تتداخل هذه المصطلحات في ماهية أو هدف معه. أَعرض في هذا المبحث ما بدا لي منها مما فيه شبه بالاستدراك الفقهي، مبيّنةً وجه الشبه، ووجه الفرق بينها وبينه، بادئةً بأقربها اشتباهًا بالاستدراك - فيما أحسب - في المطالب التالية:

المطلب الأول: النقد.

لمناقشة الشبه والاختلاف بين النقد والاستدراك في الفقه، يلزم - قبلها - التعرُّض لحقيقة النقد، فيتم البحث هنا في ثلاث مسائل على النحو التالي:

[المسألة الأولى: معنى النقد لغة]

مادة (ن ق د) ترجع معانيها إلى «إبراز شيء وبُروزه» (١)، ومنه: نَقْدُ الدِّرهم، وهو أن يُكشف عن حاله في جودته أو غير ذلك (٢).

وجاء (نَقَدَ) بمعنى (نَاقَشَ)، وعليه معنى: نقَد الكلام، وناقده في الأمر (٣).

وجاء في المعاجم ما يُشْعِرُ باتجاه عُرفيّ في معنى النقد، يُخصِّصُه بإبراز المعائب دون المحاسن، فخرج بهذا عن مُطلق الإبراز الذي هو أصل المادة، وبه فُسّر النقد في قول أبي الدرداء - - رضي الله عنه - «وإن نقدتهم نقدوك» (٤): أي إن عِبْتَهم واغتبتهم (٥).


(١) معجم مقاييس اللغة، (٥/ ٤٦٧)، مادة (نقد).
(٢) معجم مقاييس اللغة، (٥/ ٤٦٧)، مادة (نقد).
(٣) يُنظر: تاج العروس، (٩/ ٢٣٤، ٢٣٥).
(٤) الأثر في الموطأ برواية محمد بن الحسن الشيباني مع التعليق الممجد على موطأ محمد لأبي الحسنات عبد الحي اللكنوي، (٣/ ٥١٠)، باب النوادر، رقم (٩٧٨).
ولفظه: «كان الناس ورقًا لا شوك فيه، وهم اليوم شوك لا ورق فيه، إن تركتهم لا يتركوك، وإن نقدتهم نقدوك».
(٥) تاج العروس، (٩/ ٢٣٤ - ٢٣٥)، مادة (نقد).

<<  <   >  >>