للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي (صحيح مسلم) عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ بَدَأَ بِالْخُطْبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلاَةِ مَرْوَانُ (١) فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ الصَّلاَةُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ. فَقَالَ قَدْ تُرِكَ مَا هُنَالِكَ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا هَذَا فَقَدْ قَضَى مَا عَلَيْهِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» (٢).

وتطبيق هذه القاعدة في عموم حياة المسلمين مآله تلافي النقص والخطأ واللبس، والاستدراك على الأعمال الفقهية فرد من أفراد هذا الإصلاح.

- قاعدة الشورى.

فبالشورى تتنقح الأفكار بإبداء المناقشات وتداول وجهات النظر، ولا يخلو ذلك من النظر النقدي والاستدراكي؛ لأن قاعدة الشورى غايتها العظمى إصلاح الرأي بتلافي معايبه، وهي قاعدة انطلقت منها كثير من الآراء الفقهية المنقّحة. كشورى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في الأراضي التي أفاء الله على المسلمين من أرض العراق والشام (٣).

وختم في (الفكر السامي) فقرة صورة وقوع الخلاف في عهد الخلفاء الراشدين بقوله: «وقد رأيت أن جلّ ما كان يقع من الخلاف يضمحل لمكان الشورى، وتوفر


(١) هو: أبو عبد الملك وقيل: يكنى أبا القاسم، وأبا الحكم، مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية، الملك القرشي الأموي. كان كاتب ابن عمه عثمان، وإليه الخاتم، وأجلبوا بسببه على عثمان، وقاتل يوم الدار أشد قتال، وسار مع طلحة والزبير للطلب بدم عثمان، ثم ولي المدينة غير مرة لمعاوية. وكان ذا شهامة، وشجاعة، ومكر، ودهاء. قال أحمد: كان مروان يتتبع قضاء عمر. توفي سنة ٦٥ هـ.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٥/ ٣٥). و: سير أعلام النبلاء، (٣/ ٤٧٦)].
(٢) (٤١)، ك الإيمان، ب بَيَانِ كَوْنِ النَّهْىِ عَنِ الْمُنْكَرِ مِنَ الإِيمَانِ وَأَنَّ الإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَأَنَّ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاجِبَانِ، رقم (٧٨ - ٤٩).
(٣) يُنظر: كتاب الخراج، يعقوب بن إبراهيم القاضي، (٢٤ - ٢٦).

<<  <   >  >>