للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: المنهج النقلي، وتطبيقاته.

وهو منهجٌ يعتمد المنقول في الاستدراك.

والمنقول يشمل الكتاب والسنة والإجماع وأقوال الفقهاء وعمل أهل المدينة والتاريخ وأقوال أهل الخبرة والتجارب ... وكل فعل أو قول منسوب، فيُستدركُ به على ما خالف مُقتضاه، وقد تقدمت أمثلة في البحث لكل ذلك.

فعُمدة هذا المنهج هو ما لدى المُستدرِك من مخزون نقلي، أو التتبع للمنقولات من مظانها المعتمدة.

وهذا المنهج اعتمده منقحو المذاهب، في استدراكهم على ما في مذاهبهم من الروايات غير الصحيحة، وقد سبقت الإشارة إلى هذا (١).

وخطأ هذا المنهج يأتي من النّسبة غير الصحيحة، أو التتبع الناقص، أو المخزون غير الكافي للاستدراك على العمل الفقهي، مما قد ينتج عنه أحكام خاطئة، أو عامّة وفي المنقول ما يخصصها، ونحو ذلك؛ لذا يستحسن عند عدم كمال الآلة ألاّ يُطلق المستدرِك أحكامًا جازمة.

وتقريرًا للزوم شمول النظر في المنقولات ينتقد ابن حزم على بعض أهل المدينة المبالغةَ في عرض الحديث من خارج المدينة على عمل أهل المدينة، رافضًا هذا الأسلوب في النقد والاستدراك؛ مبيّنًا أن الكمال في المنهج النقلي عند النقد والاستدراك يقتضي جمع النقول والنظر فيها جميعًا، وعرَض جملة من النصوص التي رُدّت بدعوى مناقضتها العمل، مُنتقدًا هذه المنهجية الانتقائية في الاستدراك، مُنبّهًا لوجوب النظر في النقول من خارج المدينة، مُعلّلا أن عمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - قد أرسلوا الصحابة في الأمصار، وقال: «أفترى عمر وعثمان وعليًّا وعمالهم المذكورين كتموا رعيتهم من أهل هذه الأمصار دين الله تعالى، والحكم في الإسلام، والعمل بشرائعه؟ ! وما يفعل هذا مسلم. بل الذي لا شك فيه أنهم كلهم علّموا رعيتهم كلَّ ما يلزمهم كأهل المدينة ولا فرق.


(١) يُنظر: (٢٢٧).

<<  <   >  >>