للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم سكن عليٌّ الكوفة أفتراه - رضي الله عنه - كتم أهلها شرائع الإسلام وواجبات الأحكام؟ ! والله ما يظن هذا مسلم ولا ذمي مميز بالسير، فإذ لا شك في هذا فما بالمدينة سُنة إلا وهي في سائر الأمصار كلها ولا فرق، .. فأي مزية لأهل المدينة على غيرهم في علم أو فضل أو رواية لو نصحوا أنفسهم؟ ! » (١).

وأعرض هنا مثالاً للتحليل:

في (سنن البيهقي) بسنده عن الحسين بن الوليد (٢)

قال: «قدِمَ عَلَيْنَا أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَجِّ، فَأَتَيْنَاهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَفْتَحَ عَلَيْكُمْ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ هَمَّنِي، تَفَحَّصْتُ عَنْهُ، فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلْتُ عَنِ الصَّاعِ (٣)،

فَقَالُوا: صَاعُنَا هَذَا صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. قُلْتُ لَهُمْ: مَا حُجَّتُكُمْ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالُوا: نَأْتِيكَ بِالْحُجَّةِ غَدًا. فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَانِي نَحْوٌ مِنْ خَمْسِينَ شَيْخًا مِنْ أَبْنَاءِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَار، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمُ الصَّاعُ تَحْتَ رِدَائِهِ، كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَنَّ هَذَا صَاعُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَظَرْتُ فَإِذَا هِيَ


(١) الإحكام في أصول الأحكام، علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، (٢/ ١١٥ - ١١٦).
(٢) هو: أبو علي، ويقال أبو عبد الله، الحسين بن الوليد القرشي مولاهم النيسابوري، الفقيه، شيخ خراسان، الحجة، قال أحمد بن حنبل: كان ثقة، وأثنى عليه خيرا. توفي سنة ٢٠٣ هـ.

[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٩/ ٥٢٠). و: تهذيب الكمال، (٦/ ٤٩٥)].
(٣) «الصاع لغة: مكيال لأهل المدينة، يسع أربعة أمداد. مقدار الصاع: عند الحنفية: (٨١٢.٥ × ٤ = ٣.٢٥) كيلو جرام. وعند الجمهور: (٥١٠ × ٤ = ٢.٠٤) كيلو جرام». [المكاييل والموازين الشرعية، (٣٧)].
والمُد: «كَيل. وهو: مقدار ملء اليدين المتوسطتين، من غير قبضهما». ومقداره: «عند الحنفية: المدُّ رطلان بالعراقي. فالمد عندهم: (٤٠٦.٢٥ × ٢ = ٨١٢.٥) جرامًا. وعند الجمهور: المد يساوي رطل وثلث بالعراقي. فالمد عندهم: (٣٨٢.٥ × ١.٣٣٣ = ٥١٠) جرامًا». [المكاييل والموازين الشرعية، (٣٦)].

ومقدار الرطل في الهامش التالي.

<<  <   >  >>