للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سَوَاءٌ، قَالَ: فَعَايَرْتُهُ فَإِذَا هُوَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ (١) وَثُلُثٌ بِنُقْصَانٍ مَعَهُ يَسِيرٍ، فَرَأَيْتُ أَمْرًا قَوِيًّا، فَقَدْ تَرَكْتُ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّاعِ، وَأَخَذْتُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ» (٢).

وأحلّل هذا النموذج على النحو التالي:

المُستدرِك: أبو يوسف.

المُستدرَك عليه: رأي الحنفية في تقدير الصاع، حيث يقدرونه بثمانية أرطال بالرطل البغدادي (٣).

الاستدراك الفقهي: أن مقدار الصاع خمسة أرطال وثلث تقريبًا بالرطل البغدادي.

المعيار: عمل أهل المدينة، ذلك أنهم يقدرونه بسعة ما تناقلوه من صاع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

المنهج: هو المنهج النقلي، حيث إن مقدار الصاع لا مجال للرأي فيه، والعمدة فيه على النقل، وأعلم الناس بما كان عليه المقدار في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - هم أهل المدينة؛ لأنهم توارثوا هذا توارثًا لا مجال للشك فيه، فتتبّع أبو يوسف هذا النقل حيث عاين أكثر من صاع، ورأى أنها متساوية، مما يدل على أنّ النقل ثابتٌ ثبوتًا قطعيًّا يقضي على الخلاف في المسألة.

يقول ابن حزم في هذا: «هذا أمر مشهور بالمدينة، منقول نقل الكافة، صغيرهم وكبيرهم، وصالحهم وطالحهم، وعالمهم وجاهلهم، وحرائرهم وإمائهم، كما فعل أهل مكة بوضع الصفا والمروة، والاعتراض على أهل المدينة في صاعهم ومدهم


(١) «الرطل: معيار يوزن به، وهو مكيال أيضًا، وإذا أطلق في الفروع الفقهية فالمراد به: رطل بغداد أو الرطل العراقي ... الرطل العراقي عند الحنفية: نصف مَنّ، أي (١٣) درهمًا، فالرطل العراقي عندهم: (٨١٢.٥ ÷ ٢ = ٤٠٦.٢٥) جرامًا. وعند الجمهور: الرطل يساوي (١٢٨) درهمًا وأربعة أسباع. فالرطل عند الجمهور: (١٢٨.٥٧٥ × ٢.٩٧٥ = ٣٨٢.٥) جرامًا ... يقدر الرطل الشامي: (٦٠٠) درهم. فهو عند الحنفية: (٣.١٢٥ × ٦٠٠ = ١٨٧٥) جرامًا. وعند الجمهور: (٢.٩٧٥ × ٦٠٠ = ١٧٨٥) جرامًا ... الرطل المصري يقدر: (٤٤٩.٢٨) جرامًا». [المكاييل والموازين الشرعية، (٢٩)]
(٢) السنن الكبرى، (٤/ ١٧١)، رقم (٧٥١٠).
(٣) يُنظر: بدائع الصنائع، (٢/ ٥٩). الفتاوى الهندية في مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان، لنظام وجماعة من علماء الهند مع فتاوى قاضيخان والفتاوى البزازية، (٢/ ٢٣٨).

<<  <   >  >>