للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: تكميل النقص في الكيفية، وتطبيقاته.

وهذا الجنس يكون في الهيئات، سواء هيئات المؤلّفات أو هيئات الأشخاص.

أما تكميل النقص في هيئات الأشخاص معناه تدارك النقص الذي يعرض للأشخاص في هيئاتهم السلوكية بإرشادهم إلى ما يكمل هذه الهيئات، ولا يختلف الكلام في الاستدراك عليها عما سبق تقريره في المطلب الموسوم بـ (أنواع الاستدراك الفقهي باعتبار متعلّقه الفعلي، وتطبيقاتها) (١) فأكتفي به، وأُناقش هنا:

تكميل النقص في الكيفية باعتبار المؤلَّفات.

وتحصّل لي من مظاهره:

المظهر الأول: الترتيب.

وعُدَّ الترتيب من التكميل؛ لأن غير المُرتّب ناقص النفع، ويكتمل نفعه بالترتيب.

ويحدّثنا القرافي عن أهميته فيقول: «وأنت تعلم أن الفقه - وإن جل - إذا كان مفترقًا تبددت حكمته، وقلّت طلاوته، وبعدت عن النفوس طلبته، وإذا رتبت الأحكام مخرّجة على قواعد الشرع، مبنية على مآخذها، نهضت الهمم حينئذ لاقتباسها، وأعجبت غاية الإعجاب بتقمص لباسها» (٢).

هذه الأهمية التي أبداها القرافي للتهذيب جعلها الدافع لتأليف كتابه (الذخيرة) حيث انتقد على المتقدمين عدم التهذيب فقال: « ... فوجدتُ أخيار علمائنا - رضي الله عنهم - قد أتوا في كتبهم بالحِكم الفائقة، والألفاظ الرائقة، والمعاني الباهرة، والحجج القاهرة، غير أنهم يتبعون الفتاوي في غير مواطنها حيث كانت، ويتكلمون عليها أين وجدت، مع قطع النظر عن معاقد التبويب ونظام التهذيب، كشُراح (المدونة) وغيرها، ومنهم من سلك الترتيب البديع، وأجاد الصنيع، كالإمام العلامة كمال الدين صاحب (الجواهر الثمينة)» ثم قال مُبيّنًا عمله في الكتاب:


(١) وهو المطلب الثاني من المبحث الرابع في الفصل السابق.
(٢) الذخيرة، (١/ ٣٦).

<<  <   >  >>