للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثالث: آداب الاستدراك الفقهي المتعلقة بالمستدرَك عليه، وتطبيقاتها.

وتحصّل لي منها:

١ - الاعتراف بالخطأ عند ظهور الحق، وسرعة الاستجابة، ولو كان المستدرِك أقل منه سنًّا أو علمًا أو كان تلميذًا عنده.

قال ابن تيمية: «وليس مما أمر الله به ورسوله ولا مما يرتضيه عاقل أن تقابل الحجج القوية بالمعاندة والجحد، بل قول الصدق والتزام العدل لازم عند جميع العقلاء، وأهل الإسلام والملل أحق بذلك من غيرهم؛ إذ هم ولله الحمد أكمل الناس عقلاً، وأتمهم إدراكًا، وأصحهم دينًا، وأشرفهم كتابًا، وأفضلهم نبيًّا، وأحسنهم شريعة» (١).

وقد تقدمتْ أمثلة تصلُح لهذا الأدب، كتراجع أبي هريرة - رضي الله عنه - عن قوله بعدم صحة صيام العبد إذا أصبح جنبًا (٢)، وتراجع أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - لما بلغه استدراك ابن مسعود - رضي الله عنه - في ميراث بنت الابن مع بنت وأخت (٣).

وقال صاحب (الاستذكار) معلّقًا على رجوع أبي هريرة - رضي الله عنه - عن قوله في صيام الجنب: «وفيه اعتراف العالم بالحق، وإنصافه إذا سمع الحجة، وهكذا أهل العلم والدين» (٤).

وفي سرعة الاستجابة حتى ولو كان المستدرِكُ من التلاميذ، أو الأقل سنًّا:

عَنْ طَاوُوس قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِذْ قَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: تُفْتِى أَنْ تَصْدُرَ الْحَائِضُ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهَا بِالْبَيْتِ؟ ! فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِمَّا لاَ، فَسَلْ فُلاَنَةَ


(١) درء تعارض العقل والنقل، أحمد بن عبد السلام بن تيمية، (٩/ ٢٠٧).
(٢) ينظر: (٤٦٣) من هذا الفصل.
(٣) ينظر: (٤٦٥) من هذا الفصل.
(٤) (٣/ ٢٩٢).

<<  <   >  >>