للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متتابعين. فلما قال ذلك يحيى سكت القوم، فلما خرجوا سألوه لم خصه بذلك دون غيره مما هو فيه تخير من الطعام والعتق؟ فقال لو فتحنا له هذا الباب وطئ كل يوم وأعتق. فحمل على الأصعب عليه لئلا يعود.» (١).

استدرك الفقهاء على يحيى الليثي هذه الفتوى التي بناها على الاستصلاح، من ذلك ما في (روضة الناظر): «القسم الثاني (٢): ما شهد ببطلانه: كإيجاب الصوم بالوقاع في رمضان على المَلِك؛ إذ العتق سهل عليه فلا ينزجر، والكفارة وضعت للزجر، فهذا لا خلاف في بطلانه؛ لمخالفته النص، وفتح هذا يؤدي إلى تغيير حدود الشرع» (٣).

المظهر الرابع: الاستدراك الفقهي على معقول في سد الذرائع، وتطبيقاته.

سد الذرائع هو: «منع الوسائل الجائزة في الأصل التي تقرب إلى الحرام» (٤).

والمقصود من هذا المظهر هو: تلافي خلل في اعتماد سد ذريعة في مسألة، بعمل فقهي، لإنشاء نفع أو تكميله في نظر المتلافي.

ومن تطبيقاته:

في (تفسير القرطبي) أن في مشهور الأقوال عن مالك أن للولي أن يشتري لنفسه من مال يتيمه، ثم قال: «فإن قيل: يلزم ترك مالك أصله في التهمة والذرائع، إذ جوز له الشراء من يتيمه. فالجواب أن ذلك لا يلزم، وإنما يكون ذلك ذريعة فيما يؤدى من الأفعال المحظورة إلى محظورة منصوص عليها، وأما ههنا فقد أذن الله سبحانه في صورة المخالطة، ووكل الحاضنين في ذلك إلى أمانتهم بقوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ


(١) ترتيب المدارك، (٣/ ٣٨٨).
(٢) من أقسام المصلحة.
(٣) (١٣٤).
(٤) أمالي الدلالات، (٥٨٤). وتعريفات الأصوليين تحوم حول هذا المعنى، يُنظر: إحكام الفصول في أحكام الأصول، أبو الوليد الباجي، (٢/ ٦٩٥ - ٦٩٦). و: الموافقات، (٤/ ٥٥٦). و: شرح الكوكب المنير، (٤/ ٤٣٤). وغيرها.

<<  <   >  >>