للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستدراك وهو الاحتكام إلى النص الشرعي لتقييم الرأي الفقهي الذي هو عُرضة للرد المقتضي الاستدراك. ومن هنا أتت:

- قاعدة تجويز الخطأ على المجتهدين (١):

وهي مبنية على قاعدة نفي العصمة، ومبدأ ضعف الإنسان وقصوره، الذي من صوره عدم إحاطته بالمعلومات، وغفلته، ونسيانه ...

ومن هنا أتتْ جملة من الضوابط والمبادئ الدائرة بين الفقهاء، مثل (لا يُنظر في الخلافيات إلى من قال بل إلى ما قيل)، و (الأقوال يُحتجُّ لها، ولا يُحتجُّ بها).

- قاعدة ذم التقليد لمن قدر على النظر.

قال ابن عبد البر بعد أن ساق أدلة من القرآن في ذم التقليد: «وقد احتج العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد، ولم يمنعهم كفر أولئك (٢) من جهة الاحتجاج بها؛ لأن التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر، وإنما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجة للمقلِّد، كما لو قلد رجل فكفر، وقلد آخر فأذنب، وقلد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها، كان كل واحد ملومًا على التقليد بغير حجة؛ لأن كل ذلك تقليد يشبه بعضه بعضًا، وإن اختلفت الآثام فيه» (٣).

قال في (مراقي السعود):

فقولُ: مَنْ قلَّدَ عالِمًا لقِي ... اللهَ سالِمًا، فغيرُ مُطلَقِ (٤)

وذم التقليد للقادر على النظر يقتضي النظر الناقد والمستدرِك.


(١) ومحلها كتب الأصول. يُنظر مثلاً: الموافقات في أصول الشريعة، إبراهيم بن موسى اللخمي الشاطبي، (٤/ ٥٢٩ وما بعدها)
(٢) أي كفر المقلدين الذين ذمهم الله تعالى؛ لأن الآيات في ذم الكفار الذين قلدوا من قبلهم في الكفر.
(٣) جامع بيان العلم وفضله، (٩٧٨).
(٤) البيت (٨٦٠) من: مراقي السعود. يُنظر النظم مع شرحه في: نثر الورود، (٢/ ٥٨٥).

<<  <   >  >>