للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: معيار الأدلة الإجمالية، وتطبيقاته.

والأدلة الإجمالية هي الأدلة المعروفة في علم الأصول: القرآن، السنة، الإجماع، القياس، قول الصحابي، عمل أهل المدينة، العرف، المصلحة المرسلة، سد الذرائع، الاستحسان، شرع من قبلنا، الاستصحاب.

فهي معايير احتكم إليها المستدركون الفقهاء في استدراكاتهم، على اختلاف بينهم في اعتبار بعضها معيارًا؛ وهو اختلاف ناشئٌ من الاختلاف في اعتبارها دليلاً.

وهذه تطبيقات للتعيير ببعض هذه المعايير.

- فأول هذه المعايير وأصلها القرآن والسنة.

يقول ابن عبد البر: «واعلم - يا أخي - أن السنن والقرآن هما أصل الرأي، والعيار عليه، وليس الرأي بالعيار على السنة، بل السنة عيار عليه، ومن جهل الأصل لم يصب الفرع أبدًا» (١).

وفي (تفسير ابن أبي حاتم) بسنده عن الربيع في قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} (٢) أنه قال: «الْقُرْآنُ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ». وذكر ابن أبي حاتم أنه رُوي عن عددٍ نحو ذلك. (٣) فما دام أنه فرقانٌ يميَّزُ به الحق من الباطل فهو المعيار في الاستدراك.

وكان إلكيا الهراسي (٤) يستعمل الحديث في مناظرته ويقول: «إذا جالت فرسان الأحاديث في ميادين الكفاح طارت رؤوس المقاييس في مهاب الريح» (٥).


(١) جامع بيان العلم وفضله، (١١٤٠).
(٢) آل عمران: ٤.
(٣) تفسير ابن أبي حاتم، (٢/ ٤٠٦).
(٤) هو: أبو الحسن، علي بن محمد بن علي الطبري الهراسي، عماد الدين، العلامة، شيخ الشافعية، ومدرس النظامية، أحد فحول العلماء ورءوس الأئمة فقها وأصولا وجدلا وحفظا لمتون أحاديث الأحكام، تفقه بإمام الحرمين، له: شفاء المسترشدين، وكتاب نقض مفردات الإمام أحمد، وكتاب في أصول الفقه. توفي سنة ٥٠٤ هـ
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٩/ ٣٥٠). و: طبقات الشافعية الكبرى، (٧/ ٢٣٢)].
(٥) طبقات الشافعية الكبرى، (٧/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>