للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب المهر هو العمل بإطلاق قوله: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} (١) الآية. كيف لا؟ ! وقد تقرر في أصول الفقه أن العمل بإطلاق الكتاب أوجب، ولا تجوز الزيادة بخبر الواحد عليه، وإن كان صحيحًا، فكيف يُزاد بمثل هذا الحديث (٢) الذي تناهى في الضعف على الكتاب؟ ! ... وبالجملة لم يأتِ أصحابنا في تقدير المهر بعشرة دراهم بدليل شافٍ، فالعمل بإطلاق القرآن أوجب، وهذا وإن كان قولاً مخالفًا للحنفية، لكنه هو القول الفيصل» (٣).

فاستدرك على قول الحنفية في تحديد أقل المهر بعشرة دراهم؛ لعدم الدليل الصالح للانتقال عن إطلاق القرآن في لفظ { ... بِأَمْوَالِكُمْ}؛ حيث قرّر اللكنوي أن مُعتمد الحنفية في التقدير بعشرة دراهم حديثٌ ضعيفٌ جدًّا لا يترقّى إلى درجة الحسن (٤)، وهو - مع افتراض صحته - خبر آحاد، والقاعدة الأصولية عند الحنفية أن المُطلق دلالته قطعية، ولا يُقيّد بالظنّي، وخبر الآحاد ظني.

النموذج الثالث: التعيير بعلوم اللغة.

وعلم اللغة هو: «علم باحث عن مدلولات جواهر المفردات وهيئاتها الجزئية التي وضعت تلك الجواهر معها لتلك المدلولات بالوضع الشخصي وعما حصل من تركيب كل جوهر وهيئاتها من حيث الوضع والدلالة على المعاني الجزئية» (٥). فيدخل فيه علم النحو والصرف والبلاغة ... وغيرها.


(١) النساء: ٢٤.
(٢) يُشير إلى حديث جابر - رضي الله عنه - حيث السياق في الكلام عليه وهو أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا مهر أقل من عشرة دراهم».
(٣) ظفر الأماني بشرح مختصر السيد الشريف الجرجاني في مصطلح الحديث، محمد عبد الحي اللكنوي، (١٧٤).
(٤) المرجع السابق.
(٥) أبجد العلوم، (٢/ ٤٦٩).

<<  <   >  >>