للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني: المنهج العقلي، وتطبيقاته.

وهو منهج يسلك المستدركُ فيه طريقةً عقلية في الإثبات أو الرد.

والطريقة العقلية تشمل القياس والتخريج على القواعد والأقوال، واستعمال المقدمات المنطقية، والمسلمات العقلية.

وقد تقدمت أمثلة لكل ذلك في البحث (١).

وأعرض هنا مثالاً للتحليل:

جاء في (الفروق): «والورع من أفعال الجوارح، وهو ترك ما لا بأس به حذرًا مما به البأس ... وهو مندوب إليه، ومنه الخروج عن خلاف العلماء بحسب الإمكان، فإن اختلف العلماء في فعل هل هو مباح أو حرام؟ فالورع الترك، أو هو مباح أو واجب؟ فالورع الفعل مع اعتقاد الوجوب حتى يجزئ عن الواجب على المذهب، وإن اختلفوا فيه هل هو مندوب أو حرام؟ فالورع الترك، أو مكروه أو واجب، فالورع الفعل؛ حذرًا من العقاب في ترك الواجب، وفعل المكروه لا يضره ... » (٢).

يقول صاحب (إدرار الشروق) مُستدركًا: على قول القرافي: «أو مكروه أو واجب، فالورع الفعل؛ حذرًا من العقاب في ترك الواجب، وفعل المكروه لا يضره»: «قلتُ: لا يصح ما قاله من أن الخروج عن الخلاف يكون ورعًا بناءً على أن الورع في ذلك لتوقع العقاب، وأي عقاب يتوقع في ذلك؟ أما على القول بتصويب المجتهدين، فالأمر واضح لا إشكال فيه، وأما على القول بتصويب أحد القولين أو الأقوال دون غيره، فالإجماع منعقد على عدم تأثيم المخطئ، وعدم تعيينه، فلا يصح دخول الورع في خلاف العلماء من هذا الوجه» (٣).

وأحلل هذا النموذج على النحو التالي:

المُستدرِك: صاحب (إدرار الشروق).


(١) يُنظر مثلاً: في القياس (٢٤٩) وَفي التخريج (٢٥٦) وَفي المقدمات المنطقية (٤٣٧) وَالمسلمات العقلية (٤٣٧).
(٢) الفروق مع إدرار الشروق وحاشية ابن حسين المالكي، (٤/ ٣٨٦).
(٣) المرجع السابق، (٤/ ٣٧٠).

<<  <   >  >>