للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُناقش شروط الاستدراك الفقهي بإثباتِ المُشتَرَط، ونفيِ ما لا يُشترط، وأُقدم بين يدي ذلك تحديدًا للمُراد بشروط الاستدراك الفقهي؛ لتنقيح مناط الاشتراط، وعليه فأناقش هذا الفصل في ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: تحديد المراد بشروط الاستدراك الفقهي.

مادة (شرط) تدل على «عَلَمٍ وعلامة، وما قارب ذلك من عَلَمٍ» (١). و (شُرُوط) جمع (شَرْط) وهو بمعنى إلزام الشيءِ، وبمعنى التزامه في البيع ونحوه (٢). وجمعُ (شَرَط) (أَشْرَاط)، بمعنى علامة، ومنه أشراط الساعة: أي علاماتها (٣).

والشرط في اصطلاح الأصوليين: «ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم لذاته» (٤). وهو لازم كالركن؛ لتوقُّف الحكم عليهما، إلا أن الركن جزء من الماهية، والشرط خارج عنها (٥).

والعدم اللازم، والوجود والعدم غير اللازمَين يُقصَد به هنا إطلاق مصطلح (الاستدراك الفقهي) على العمل الفقهي، لا صحة المضمون، فقد يصح إطلاق الاستدراك الفقهي على عمل فقهي اصطلاحًا مع أن مضمونه ليس صحيحًا في نظر غير المستدرِك، أو في نظر المستدرِك نفسه ولكن في غير وقت استدراكه.

إذا تقرّر هذا فإنك تحكُمُ على الاستدراك فتقول: استدراك صحيح، أو استدراك باطل، ولا يكون هذا إلا بعد صحة إطلاق المصطلح على العمل؛ لأنه يلزم من الحكم على شيءٍ وجودُه السابقُ للحكم.


(١) معجم مقاييس اللغة، (٣/ ٢٦٠)، مادة (شرط).
(٢) ينظر: القاموس المحيط، (٦٠٥)، مادة (شرط).
(٣) القاموس المحيط، (٦٠٥)، مادة (شرط).
(٤) جمع الجوامع مع البدر الطالع في حل جمع الجوامع لمحمد بن أحمد المحلي، (١/ ٣٨٥). ويُنظر: روضة الناظر، (٤٨).
(٥) يُنظر: نشر البنود، (١/ ٣٥). و: نثر الورود، (١/ ٥٩).

<<  <   >  >>