للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: آداب الاستدراك الفقهي المشتركة بين المستدرِك والمستدرَك عليه، وتطبيقاتها.

يشترك المُستدرِك والمستدرَك عليه في آداب، وهي تُمثّل الآداب المشتركة في أداء الاستدراك الفقهي وتلَقّيه، وتحصّل لي منها:

١ - الإخلاص والنصيحة.

قال الغزالي في العلامات التي يُعرف بها أن دافع الاشتغال بالمناظرة هو التعاون على الحق: «أن تكون المناظرة في الخلوة أحب إليه وأهم من المحافل، وبين أظهر الأكابر والسلاطين؛ فإن الخلوة أجمع للفهم، وأحرى بصفاء الذهن والفكر ودرك الحق، وفي حضور الجمع ما يحرك دواعي الرياء، ويوجب الحرص على نصرة كل واحد نفسه، محقا أو مبطلاً» (١).

وإن فُقد هذا الأدب فإنه يجرّ إلى فقدان الآداب الأخرى، يقول في ذلك الغزالي: «اعلم وتحقق أن المناظرة الموضوعة لقصد الغلبة والإفحام وإظهار الفضل والشرف والتشدق عند الناس وقصد المباهاة والمماراة واستمالة وجوه الناس هي منبع جميع الأخلاق المذمومة عند الله، المحمودة عند عدو الله إبليس»، وعدّ منها: الحسد، والتكبر والترفع على الناس، والحقد، والغيبة، وتزكية النفس، والتجسس وتتبع عورات الناس، والفرح لمساءة الناس والغم لمسارهم، والنفاق، والاستكبار عن الحق وكراهته والحرص على المماراة فيه، والرياء وملاحظة الخلق والجهد في استمالة قلوبهم وصرف وجوههم.

وقال إنه يتشعب من كل واحدة من هذه المعدودات رذائل يطول تفصيل آحادها، ومثل لذلك بالأنفة، والغضب، والبغضاء، والطمع، وحب طلب المال والجاه للتمكن من الغلبة، والمباهاة، والأشر والبطر، وتعظيم الأغنياء والسلاطين، والتردد إليهم والأخذ من حرامهم، والتجمل بالخيول والمراكب والثياب المحظورة، والاستحقار للناس


(١) إحياء علوم الدين، (١/ ٤٤).

<<  <   >  >>