المبحث الأول: مظان الاستدراكات الفقهية باعتبار الفقهاء، وتطبيقاتها.
حيث برز الجانب الاستدراكي الفقهي لدى ثلة من الفقهاء، ورأيت أن حصرهم بالأوصاف أجمع وأخصر من حصرهم بالأشخاص، كما أن الحصر بالأشخاص لا يؤمنُ معه فَوْت ذكر ثلة منهم، ممن قد يكونون أهم ذكرًا من غيرهم.
ويُمكن للباحث أن يهتدي إليهم بأمارات تحصّل لي منها:
١ - من وُصفوا بالتدقيق، أو التحقيق، أو التجديد، أو بشيخ الإسلام، أو الاجتهاد المطلق، وقد يُصرّح بأنهم اشتغلوا بالاستدراك أو النقد أو التعقب وما شابه أحيانًا.
لأن هذه الصفات هي صفات المستدركين.
٢ - من عُرف عنه التفنُّن في العلوم مع علم الفقه؛ لأن ذلك يؤهّل للاستدراك؛ للتمكن من عدة معايير (١).
٣ - من عرف عنه الاشتغال بعلمي التفسير والفقه.
٤ - من عُرف عنه الاشتغال بعلمي الحديث والفقه.
لأن الجمع في الاشتغال بأحد العلمين مع الفقه يؤهل الفقيه للنظر في الأحكام وتعييرها بالدليل، مما يجعل له - غالبًا - نظرًا مستقلًّا عما نشأ عليه من مذهب، يحصل من جرّائه - غالبًا - النقد والاستدراك.
٥ - من عُرف عنه الاشتغال بعلم الأصول مع الفروع؛ لأن الاشتغال بعلم الأصول يُمكّن من هذا المعيار المهم في الاستدراك الفقهي، وتعيير الفروع عليه.
٦ - من اشتهر بالجدل والمناظرة، والرد على المخالفين.
لأن الجدل والمناظرة والرد من مظان الاستدراكات الفقهية، كما سيأتي في المبحث الثالث.
٧ - من تلقى من أكثر من مدرسة، لأن تنوع الشيوخ والمدارس يوسّع
(١) سيأتي الكلام عن معايير الاستدراك في الفصل الأول من الباب الثاني.