للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنزلة التعيير بها تبيّنها عبارة ابن تيمية: «ومما ينبغي أن يعلم أن القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحتج في ذلك إلى أقوال أهل اللغة» (١).

فإذا لم يُعرف من قبل القرآن والسنة فإنه يعيّر باللغة؛ لأن الشرع نزل بلسان عربي مبين.

ولا يقف التعيير بها في تفسير ألفاظ الشارع، بل حتى في استعمال الألفاظ لتوصيل الحكم وتصوره، وقد سبقت أمثلة لذلك في فصل الأنواع (٢).

ومن تطبيقات التعيير بعلم اللغة:

استدراك ابن عباس على عثمان - رضي الله عنهم - في ميراث الأخوين مع الأم قائلاً: «إن الأخوين لا يردان الأم عن الثلث؛ قال الله عز وجل: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} (٣)؛ فالأخوان بلسان قومك ليسا بإخوة. فقال عثمان بن عفان: لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الأمصار توارث به الناس» (٤).

فقول ابن عباس - رضي الله عنهما - «فالأخوان بلسان قومك ليسا بإخوة» هو تعيير لقول عثمان - رضي الله عنه - باللغة، واستدراك عليه بها، حيث ساوى في الحكم بين المثنى والجمع، والآية إنما حجَبت بالجمع. فلا يحجبون الأم عن الثلث إلى السدس إلا بثلاثة إخوة (٥).


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية، (١٣/ ٢٧).
(٢) يُنظر: مطلب الاستدراك على منظوم القضية الفقهية، وتطبيقاته.
(٣) النساء: ١١
(٤) أخرجه الحاكم في مستدركه، (٤/ ٣٧٢)، ك الفرائض، رقم (٧٩٦٠). والبيهقي في سننه الكبرى، (٦/ ٢٢٧)، ك الفرائض، ب فرض الأم، رقم (١٢٦٦٥). وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصححه الذهبي في التلخيص.
(٥) المحلى، (١٠/ ١٥٠)، رقم (١٧١٥).

<<  <   >  >>