للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن تيمية عن علمي الهندسة والحساب: «فإن علمَ الحساب - الذي هو علم بالكم المنفصل - والهندسة - التي هي علم بالكم المتصل - علمٌ يقيني لا يحتمل النقيض البتة» (١).

ومن تطبيقات التعيير بعلوم الاستقراءات والتجارب:

- التعيير بعلم الطب:

بعد أن قرر النوويُّ المذهبَ الصحيح عند الشافعية في الخمر أنها تحرم للتداوي والعطش، ذكر مخالفةَ إمام الحرمين والغزالي في المذهب في مسألة العطش، وحكى قولَ إمام الحرمين: «الخمر يسكن العطش؛ فلا يكون استعمالها في حكم العلاج. قال (٢): ومن قال: إن الخمر لا يسكن العطش، فليس على بصيرة، ولا يعد قوله مذهبًا بل هو غلط ووهم، بل معاقر الخمر يجتزئ بها عن الماء».

فاستدرك النووي على إمام الحرمين في هذا بالمقرر عند أهل الطب والتجربة، فقال: «وليس كما ادعى، بل الصواب المشهور عن الشافعي وعن الأصحاب والأطباء أنها لا تسكن العطش، بل تزيده، والمشهور من عادة شربة الخمر أنهم يكثرون شرب الماء. وقد نقل الروياني أن الشافعي - رحمه الله - نص على المنع من شربها للعطش؛ معلّلا بأنها تجيع وتعطش. وقال القاضي أبو الطيب: سألت من يعرف ذلك، فقال: الأمر كما قال الشافعي، أنها تُروي في الحال ثم تثير عطشًا عظيمًا. وقال القاضي حسين (٣) في تعليقه: قالت الأطباء: الخمر تزيد في العطش، وأهل الشرب يحرصون على الماء البارد».


(١) مجموع فتاوى ابن تيمية، (٩/ ١٢٦).
(٢) أي الجويني.
(٣) هو: أبو علي، الحسين بن محمد بن أحمد، المروذي، القاضي، من أصحاب الوجوه، وهو من أجل أصحاب القفال، تفقه عليه جماعات من الأئمة، منهم صاحب التتمة، وصاحب التهذيب. له التعليق الكبير، والفتاوى المشهورة، وأسرار الفقه. توفي سنة ٤٦٢ هـ.
[يُنظر: تهذيب الأسماء واللغات، (١/ ٢٣٠). و: طبقات الشافعية، (١/ ٢٤٤)].

<<  <   >  >>