للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فجعل النووي قولَ أهل الطب والتجربة معيارًا للاستدراك، ومُثبتًا للحكم في المسألة حيث قال عقب هذا النقل: «فحصل بما ذكرناه أنها لا تنفع في دفع العطش، وحصل بالحديث الصحيح السابق (١) في هذه المسألة أنها لا تنفع في الدواء فثبت تحريمها مطلقًا والله تعالى أعلم» (٢).

- التعيير بعلم الهندسة:

في (المعيار المعرب) أن القاضي أبا القاسم بن سراج (٣) سئل عن إمام ينحرف عن محراب المسجد بالأندلس لجهة الشرق انحرافًا كثيرًا مع أن المحراب على خمسة وأربعين جزءًا كما هي أكثر محاريب مساجد الأندلس.

فذكر له أبو القاسم أن المسجد المسؤول عنه هو إلى جهة الكعبة بلا إشكال، وقال: «سواء استدللنا عليها بالأدلة الشرعية أو بطريق الآلات، ومن اختبر ذلك تبين له صحة ما ذكرته».

وقف الأستاذ أبو الحسن علي القرياني (٤) على هذا الجواب منتقِدًا، ومما قاله: «من أغرب ما في جوابه قوله تقام عليه البراهين بالأدلة، ليت شعري مَن أهل البراهين


(١) يشير إلى حديث سبق ذكره قبل هذا الكلام وهو حديث وَائِلٍ الْحَضْرَمِي أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفي سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَمْرِ فَنَهَى أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا. فَقَالَ: إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ فَقَالَ «إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ». [صحيح مسلم، (٩٥٥)، ك الأشربة، ب تحريم التداوي بالخمر، رقم (١٢ - ١٩٨٤)].
(٢) يُنظر: المجموع، (٩/ ٣٦).
(٣) هو: أبو القاسم، محمد بن محمد، بن سراج الغرناطي، مفتيها وقاضي الجماعة بها، الحافظ العلامة، الفقيه، أخذ عن ابن لب وابن علاق وجماعة، وعنه السرقسطي والمواق وأبو عر بن منظور وجماعة، له: شرح المختصر، اعتمده المواق، وله فتاوي كثيرة نقل المونشريسي في معياره جملة منها، توفي سنة ٨٤٨ هـ.
[يُنظر: شجرة النور الزكية، (١/ ٢٤٨)].
(٤) هكذا ورد تلقيبه بالقرياني في (المعيار المعرب) في النسخة التي عندي، بينما لُقب بالقرباقي وسيقت نفس الفتوى وتعقيبه عليها ورد ابن سراج عليه في: فتاوى قاضي الجماعة أبي القاسم بن سراج الأندلسي، (٧٨، وما بعدها).
وترجم له المحقق أبو الأجفان اعتمادًا على تلميذه أبي الحسن القلصادي بأنه: «أبو الحسن علي بن موسى بن عبيد الله اللخمي الشهير بالقباقي، كان عالما خطيبا نظارا مفتيا عارفا بتاريخ لعرب، حافظا للغاتها وآدابها ضاربا في التفسير والحديث والأصول والطب بسهم مصيب، من تآليفه: التبصرة الكافية في علمي العروض والقافية، على الخزرجية. قرأ عليه أبوالحسن القلصادي ببسطة - بلدهما الأندلسي - كثيرا من الكتب منها: التفريع والتلقين والتنقيح والإيضاح والفصيح ... توفي ببسطة سنة ٨٤٤». [يُنظر: فتاوى قاضي الجماعة أبي القاسم بن سراج الأندلسي، (٨٨) هـ (٢)]

<<  <   >  >>