للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على هذا؟ أهل الحساب أم غيرهم؟ وهم من أهل قطرنا الأندلسي متفقون في كل قطر على انحراف قبلتنا إلى جهة المغرب كثيرًا» وذكر من يرى أنهم يؤيدون قوله.

قال أبو القاسم مُجيبًا مُستدركًا: «جوابه أن هذا الكلام صرّح بقلة معرفته، فإن الأدلة الشرعية وغيرها تعضد ما قلته». وذكر دليل الاستقراء على أن الكعبة تقع من أرض الأندلس في جهة الربع الجنوبي الشرقي، وذكر دليل ذلك بمقررات علم الفلك في مواقع النجوم الدالة على ذلك، وقال: «فإذا تقرر هذا فيقال إن القبلة التي تكون على وسط الربع صحيحة كما ذكرته في الجواب، وأن خمسة وأربعين جزءًا في الربع المشار إليه هو على الوسط، وبيان صحتها أنا إن اعتبرنا الجهة على مقتضى المشهور (١) فقد حصلت بلا إشكال، لا سيما وقد نص أهل الحكمة - منهم الغزالي - على أن الإنسان إذا استقبل بنظره جهة أنه يرى بالعينين معًا ربع الدائرة، وإن قلنا بالقول الشاذ - وهو اعتبار السمت (٢) - فالغالب أنه يحصل مع استقبال الوسط، لأن الذين قالوا بالسمت رأوا أنه


(١) يعني المشهور من مذهب مالك، وهو أن من لم يُعاين مكة فإنه يُكلّف باستقبال جهتها لا سمتها. ذكره في نص الفتوى. [يُنظر: المعيار المعرب، (١/ ١٢٠)].
(٢) نقل الونشريسي المقصود به في كلام الفقهاء هنا في (المعيار المعرب) عن أبي القاسم بن سراج حيث قال: «السمت عند أهل الآلات هو أن يقدر أن لو وضع خط مستقيم من مكان الإنسان لوقع مقابلاً للكعبة، والقائلون بطلب السمت من الفقهاء لا يضيقون هذا التضييق، وإنما يكفي عندهم المسامتة بالأبصار كما تسامت النجوم». [١/ ١٢٢].

<<  <   >  >>