للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تسامت النجوم (١)، وعلى هذا قد تحصل مع وسط الربع، والله أعلم؛ لأن الدائرة إذا عظمت كثر المسامتون لمركزها» (٢).

فترى القاضي أبا القاسم استدرك على من خطّأه وعيّر استدراكه بأقوال أهل الخبرة وهو من عبر عنهم بأهل الحكمة، وبما تقرر في علم الهندسة أن الدائرة إذا عظمت كثر المسامتون لمركزها، وهو يقتضي ألاّ يمتنع التسامح في حالة البُعد لاتساع منطقة الوسط المُستَقبلة وِجهةً للقبلة.

- التعيير بعلم الفلك:

جاء في (البيان والتحصيل): «وقد قال بعض العلماء: إن القبلة يستدل عليها في كل بلد بأي جهة كان من الأرض بأن يستقبل الرجل الشمس ويجعلها بين عينه إذا استوت الشمس في كبد السماء في أطول يوم من السنة؛ لأن الشمس تكون في ذلك الوقت مقابلة للبيت ومسامتة له، بدليل أنه لا فيء (٣) له، فإذا استقبل الناظر إليها فقد استقبل البيت. وهذا القول ظاهره الصحة، وليس بصحيح؛ لأن الشمس لا تستوي في كبد السماء في وقت واحد في البلد المتباين بالبعد الكثير وبالله التوفيق» (٤).

فاستدراك ابن رشد على تحديد جهة القبلة مُعيّرٌ بما تقرر في علم الفلك أن الشمس لا تستوي في كبد السماء بذات الوقت في البلاد المتباعدة، مما ينفي القول بأنها في ذلك الوقت تكون على الكعبة، لأنها إن استوت في كبد السماء في بلدٍ، فإنه لا يقتضي ذلك استواءها في البلد الحرام.


(١) بمعنى أن تُقدّر الكعبة كأنها بمرأى من المستقبلين لها، وإن الرائي يتوهم المقابلة والمحاذاة وإن لم تكن كذلك في الحقيقة. هكذا فسره المازري في: [شرح التلقين، (٤٨٧)].
(٢) (١/ ١١٧ - ١٢٣).
(٣) «الفَيْءُ: ما كانَ شَمْساً فَيَنْسَخُهُ الظّلّ». [القاموس المحيط، (٦١)].
(٤) (١٧/ ٣٢٢).

<<  <   >  >>