للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- تجديد طريقة عرض المعلومة لتسهيل وصول الباحث إلى مبحثه.

أدرك صاحب (عقد الجواهر الثمينة) أهمية هذا الأثر، فكان باعثًا لتأليفه هذا الكتاب، فقال عن مذهب مالك: «ولا بلغني عنه أنه كره منه سوى تكريره وعدم ترتيبه، حتى اعتقد بعضهم أنه لا يمكن ترتيبه، بل يشق ويتعذر ... فصرفهم عدم اعتناء أئمة المذهب بترتيبه عن استفادة ما اشتمل عليه من تحقيق المعاني النفيسة الدقيقة، واستنباط الأحكام الجارية على سنن السلف الصالح بأحسن طريقة، واستثارة الأسباب والحِكم التي هي على التحقيق عين الحقيقة، فكانوا كالمعرض عن المعاني النفيسة لمشقة فهمها، والمضرب عن الجواهر الثمينة لتكلف نظمها.

وقد استخرتُ الله تعالى، وشرعت في نظم المذهب بأسلوب يوافق مقاصدهم ورغباتهم، ويخالف ظنونهم فيه ومعتقداتهم، فحذفت التكرار الذي عيبوا أئمة المذهب إذ لم يحذفوه، وحللت النظام الذي كرهوه، ثم نظمته على ما جنحوا إليه وألفوه» (١).

ويُبيّن القرافيُّ أهمية هذا الأثر، وأنه الدافع لتأليفه (الذخيرة) بقوله: «وأنت تعلم أن الفقه - وإن جلَّ - إذا كان متفرقًا تبددت حكمته، وقلت طلاوته، وبعدت عن النفوس طلبته، وإذا رتبت الأحكام، مخرجة على قواعد الشرع، مبنية على مآخذها، نهضت الهمم حينئذٍ لاقتباسها، وأعجبت غاية الإعجاب بتقمص لباسها.

وقد آثرتُ أن أجمع بين الكتب الخمسة التي عكف عليها المالكيون شرقًا وغربًا، حتى لا يفوت أحدًا من الناس مطلبٌ، ولا يعوزه أرب، وهي: (المدونة) و (الجواهر) و (التلقين) و (الجلاب) و (الرسالة)، جمعًا مرتبًا، بحيث يستقر كل فرع في مركزه، ولا يوجد في غير حيزه، على قانون المناسبة في تأخير ما يتعين تأخيره، وتقديم ما يتعين تقديمه من الكتب والأبواب والفصول، متميزة الفروع، حتى إذا رأى الإنسان الفرع فإذا كان مقصودَه طالعه، وإلاّ أعرض عنه، فلا يضيع الزمان في غير مقصود» (٢).


(١) (١/ ٣ - ٤).
(٢) الذخيرة، (١/ ٣٦).

<<  <   >  >>