للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

متباعدة ... كان من الطبيعي أن يوجد في تلك المصنفات الفقهية الكثيرة في عددها، والمتفاوتة في أحجامها، والمدونة في أزمنة مختلفة خلال أربعة قرون متتالية لوفاة الإمام الشافعي سنة ٢٠٤ هـ، أن يوجد فيها عدد غير قليل من التخريجات المخالفة لأصول المذهب، أو الاستنباطات المرجوحة، أو الاجتهادات الشاذة ونحو ذلك، فأصبحت الحاجة ملحّة للقيام بعملية تهذيب لتلك المصنفات الكثيرة، خاصة بعد استقرار المذهب الشافعي وصيرورته مذهبًا رئيسًا في بلاد المسلمين ومجتمعاتهم.

فبرز في أواخر القرن السادس الهجري الإمام عبد الكريم الرافعي (ولد سنة ٥٥٧ هـ - توفي سنة ٦٢٣ هـ)، ليقوم بجهد ضخم في تنقيح المذهب مهد به الطريق لجهود الإمام أبي زكريا النووي (ولد سنة ٦٣١ هـ - توفي سنة ٦٧٦ هـ)» (١).

وفي (المدخل المفصل) بعد أن ذكر نماذج من ردّ ابن تيمية لبعض الأغاليط على مذهب الإمام أحمد قال: «وإن أَردت الديوان الجامع للتصحيح والتضعيف في المذهب وكشف الغلط؛ فعليك بكتاب خاتمة المذهب المرداوي: (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف)» (٢).

- تمحور الجهود الفقهية حول كتب التحرير والاستدراكات، والاهتمام بآراء مؤلفيها.

ويمكن تطبيق ذلك على مؤلفات الغزالي في الفقه الشافعي، قال عنه صاحب (الحاوي): «وله في الفقه المؤلفات الجليلة، ومذهب الشافعي الآن مداره على كتبه، فإنه نقّح المذهب وحرره ولخصه في (البسيط) و (الوسيط) و (الوجيز) و (الخلاصة)، وكتب الشيخين (٣) إنما هي مأخوذة من كتبه» (٤).


(١) المدخل إلى مذهب الشافعي، (٣٧٣).
(٢) ... (١/ ١٢٥).
(٣) هما الرافعي والنووي. [يُنظر: مصطلحات المذاهب الفقهية وأسرار الفقه المرموز، (٢٣٦)].
(٤) الحاوي للفتاوي في الفقه وعلوم التفسير والحديث والأصول والنحو والإعراب وسائر الفنون، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، (١/ ٢٤٦).

<<  <   >  >>