للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لذلك كان من مقتضى الإيمان التسليم للشرع، وعدم المراجعة والاستدراك عليه {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} (١)، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (٢)، ولذلك يغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن يُراجعه في الأمر التشريعي، ففي (صحيح البخاري): عن عائشة - رضي الله عنها - قَالَتْ: «كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَمَرَهُمْ أَمَرَهُمْ مِن الْأَعْمَالِ بِمَا يُطِيقُونَ. قَالُوا: إِنَّا لَسْنَا كَهَيْئَتِكَ يَا رسول الله، إِنَّ الله قَدْ غَفَرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. فَيَغْضَبُ حَتَّى يُعْرَفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ يَقُولُ إِنَّ أَتْقَاكُمْ وَأَعْلَمَكُمْ بِالله أَنَا» (٣).

وبعد هذا التمهيد أدخل في المقصود من تقسيم الاستدراك الفقهي بهذا الاعتبار.

والمقصود بهذا التنويع أننا إذا نظرنا إلى وجوه التلافي من جهة من استُدرك عليه نجد أنها تتنوع بتنوع هذا المُستدرك عليه، وقد يكون المستدرك عليه حقيقةً أو تقديرًا.

وبالتأمل في جملة من استدراكات الفقهاء مع اعتبار القسمة المنطقية تحصّلت لي خمسة أنواع بهذا الاعتبار، أُناقش كل نوع منها في مطلب، على ما سيأتي.


(١) النور: ٥١.
(٢) الأحزاب: ٣٦.
(٣) (١/ ١٣)، ك إيمان، ب قَوْلُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِالله وَأَنَّ الْمَعْرِفَةَ فِعْلُ الْقَلْبِ لِقَوْلِ الله تَعَالَى {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [البقرة: ٢٢٥]، رقم (٢٠).

<<  <   >  >>