للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج الثاني:

جاء في (المغني): «وذكر بعض أصحابنا من سنن الوضوء غسل داخل العينين، وروي عن ابن عمر أنه عمي من كثرة إدخال الماء في عينيه. وقال القاضي (١): إنما يستحب ذلك في الغسل، نص عليه أحمد في مواضع. وذلك لأن غسل الجنابة أبلغ، فإنه يعم جميع البدن، وتغسل فيه بواطن الشعور الكثيفة وما تحت الجفنين ونحوهما، وداخل العينين من جملة البدن الممكن غسله، فإذا لم تجب فلا أقل من أن يكون مستحبًّا.

والصحيح أن هذا ليس بمسنون في وضوء ولا غسل؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفعله، ولا أمر به، وفيه ضرر، وما ذكر عن ابن عمر فهو دليل على كراهته؛ لأنه ذهب ببصره وفعْل ما يخاف منه ذهاب البصر أو نقصه من غير ورود الشرع به إذا لم يكن محرما فلا أقل من أن يكون مكروهًا» (٢).

تحليل الاستدراك:

استدرك ابن قدامة على القول بسنية غسل داخل العينين في الوضوء، فخطّأ هذا المحمول (وهو السنية) بما استدل به من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، واعتبار مآل هذا العمل، من حال ابن عمر - رضي الله عنهما -.


(١) هو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد الفراء، الملقب بأبي يعلى. [ينظر: المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، عبد القادر بن بدران الدمشقي، (٤٠٨)].
(٢) ابن قدامة، (١/ ١٥١ - ١٥٢).

<<  <   >  >>