للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن تطبيقاته:

في (صحيح البخاري) بسنده «عَنْ الْأَزْرَقِ بْنِ قَيْسٍ (١) قَالَ: كُنَّا عَلَى شَاطِئِ نَهَرٍ بِالْأَهْوَازِ (٢) قَدْ نَضَبَ عَنْهُ الْمَاءُ، فَجَاءَ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ (٣)

عَلَى فَرَسٍ، فَصَلَّى وَخَلَّى فَرَسَهُ، فَانْطَلَقَت الْفَرَسُ، فَتَرَكَ صَلَاتَهُ، وَتَبِعَهَا حَتَّى أَدْرَكَهَا، فَأَخَذَهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَضَى صَلَاتَهُ. وَفِينَا رَجُلٌ لَهُ رَأْيٌ، فَأَقْبَلَ يَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ تَرَكَ صَلَاتَهُ مِنْ أَجْلِ فَرَسٍ! فَأَقْبَلَ، فَقَالَ: مَا عَنَّفَنِي أَحَدٌ مُنْذُ فَارَقْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. وَقَالَ: إِنَّ مَنْزِلِي مُتَرَاخٍ، فَلَوْ صَلَّيْتُ وَتَرَكْتُهُ لَمْ آتِ أَهْلِي إِلَى اللَّيْلِ. وَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ صَحِبَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَى مِنْ تَيْسِيرِهِ» (٤).

تحليل الاستدراك:

استدرك الصحابي أبو برزة - رضي الله عنه - على من أنكر عليه تركه لصلاته ليُدرك الفرس؛ لغفلة المُنكر عن مقصد التيسير، قال صاحب (مقاصد الشريعة الإسلامية): « ... فرأى (٥)


(١) هو: الأزرق بن قيس الحارثي، البصري، من من بني الحارث بن كعب، ثقة، روى له البخاري وأبو داود والنسائي، توفي بعد ١٢٠ هـ.
[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٧/ ٢٣٥). و: تهذيب الكمال، (٢/ ٣١٨). و: تقريب التهذيب، (١٢٢)]
(٢) سَبْعُ كُوَر، تقع بَين البَصْرةِ وفارِس، لكلِّ كُورةٍ مِنْهَا اسمٌ، واسم الأهوازُ يُراد به جمعُهنّ. [يُنظر: معجم البلدان، ياقوت بن عبد الله الحموي، (١/ ٢٨٥). و: تاج العروس، (١٥/ ٣٩٢)، مادة (هوز)].
«والكُورة بالضمّ: المدينةُ أو الصّقع». [القاموس المحيط، (٤٢٦)، مادة (كور)]
(٣) هو: أبو برزة، نضلة بن عبيد - على الأصح - الأسلمي، صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أسلم قديما وشهد معه فتح مكة، ولم يزل أبو برزة يغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن قبض، فتحول إلى البصرة فنزلها حين نزلها المسلمون وبني بها دارا، وله بها بقية، ثم غزا خرسان، توفي سنة ٦٤ هـ.

[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٤/ ٢٩٨). و: سير أعلام النبلاء، (٣/ ٤٠)].
(٤) في صحيحه، (٨/ ٣٠)، ك الأدب، ب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - يسروا ولا تعسروا وكان يحب التخفيف واليسر على الناس، رقم (٦١٢٧).
(٥) أي الصحابي أبو برزة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>