للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطبيقاته:

النموذج الأول:

في (الموطأ): «أَنَّ رَقِيقًا لِحَاطِبٍ (١) سَرَقُوا نَاقَةً لِرَجُلٍ مِنْ مُزَيْنَةَ (٢)، فَانْتَحَرُوهَا، فَرُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأَمَرَ عُمَرُ كَثِيرَ بْنَ الصَّلْتِ (٣)

أَنْ يَقْطَعَ أَيْدِيَهُمْ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: أَرَاكَ تُجِيعُهُمْ. ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ لَأُغَرِّمَنَّكَ غُرْمًا يَشُقُّ عَلَيْكَ. ثُمَّ قَالَ لِلْمُزَنِيِّ: كَمْ ثَمَنُ نَاقَتِكَ؟ فَقَالَ الْمُزَنِيُّ: قَدْ كُنْتُ وَاللَّهِ أَمْنَعُهَا مِنْ أَرْبَعِ مِائَةِ دِرْهَمٍ. فَقَالَ عُمَرُ: أَعْطِهِ ثَمَانَ مِائَةِ دِرْهَمٍ» (٤).

تحليل الاستدراك:

حدُّ السارق قطع اليد بشروطه، وهذا هو الحكم المتبادر عند ثبوت السرقة، لكن عند تنزيل هذا الحكم على العبيد هنا استدرك عمر - رضي الله عنه - على نفسه حكمَه في العبيد بالقطع في بدء الأمر، لمراعاته اللاحقة لعناصر مؤثرة في الحكم باعتبار الشخص المنزل عليه، وهو إجاعةُ السيد رقيقَه المُلجئةُ إلى السرقة، فتغير الحكم لذلك.


(١) هو: أبو عبد الله، وقيل: أبو محمد، حاطب بن أبي بلتعة عمرو بن عمير بن سلمة، اللخمي المكي، حليف بني أسد بن عبد العزى بن قصي، من مشاهير المهاجرين، شهد بدرا والمشاهد، أرسله النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المقوقس، وكان تاجرا في الطعام، وكان من الرماة الموصوفين، وفيه نزلت هذه السورة {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة: ١]، توفي سنة ٣٠ هـ، وصلى عليه عثمان - رضي الله عنه -.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٢/ ٤٣). و: أسد الغابة، (١/ ٥٢٨)].
(٢) «بطن من مضر، من العدنانية». [معجم قبائل العرب القديمة والحديثة، عمر رضا كحّالة، (٣/ ١٠٨٣)].
(٣) هو: أبو عبد الله، كثير بن الصلت بن معدي كرب بن وكيعة الكندي المدني، كان اسمه قليلا فسماه عمر بن الخطاب كثيرا، وكان له شرف وحال جميلة في نفسه وله دار بالمدينة كبيرة في المصلى وقبلة المصلى في العيدين إليها، وهي تشرع على بطحاء الوادي الذي في وسط المدينة، قال ابن حجر: من الثانية، ووهم من جعله صحابيا.

[يُنظر: الطبقات الكبرى، (٥/ ١٤). و: تهذيب الكمال، (٢٤/ ١٢٧). و: أسد الغابة، (٤/ ٤٨٥). و: تقريب التهذيب، (٨٠٨)].
(٤) الموطأ برواياته الثمانية، الإمام مالك، تحقيق/ الهلالي، (٣/ ٥٧٩)، ك الأقضية، ب القضاء في الضواري والحريسة، رقم (١٥٦٦).

<<  <   >  >>