للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النموذج الثاني:

حدّ ابن عرفة الاعتكاف بقوله: «لُزُومُ مَسْجِدٍ مُبَاحٍ لِقُرْبَةٍ قَاصِرَةٍ بِصَوْمٍ مَعْزُومٍ عَلَى دَوَامِهِ يَوْمًا وَلَيْلَةً سِوَى وَقْتِ خُرُوجِهِ لِجُمُعَةٍ أَوْ لِمُعَيَّنِهِ الْمَمْنُوعِ فِيهِ». قال الرصاع (١)

شارحًا: «وَقَوْلُهُ (قَاصِرَةٍ) أَخْرَجَ بِهِ الْمُتَعَدِّيَةَ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الِاعْتِكَافِ وَمَنْ لَازَمَ لَهَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُعْتَكِفٌ وَبِهَا اعْتَرَضَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ الله عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ» (٢).

وفي حدّ ابن الحاجب للاعتكاف أتى ذكر العبادة عامًّا حيث شمل اللفظُ العبادةَ القاصرة والمتعدية فقال: «لزوم المسلم المميز المسجد للعبادة صائماً كافاً عن الجماع ومقدماته يوماً فما فوقه بالنية» (٣).

تحليل الاستدراك:

فالاستدراك على حدّ ابن الحاجب حيث عمّم جنس العبادة المتقرّب بها في الاعتكاف، بأن التقرّب في الاعتكاف يكون بالعبادة القاصرة دون المتعدية.


(١) هو: أبو عبد الله، محمد بن قاسم الأنصاري، الرصاع، قاضي الجماعة بتونس، وعرف بالرصاع لأن أحد جدوده كان نجارا يرصع المنابر، اقتصر في أواخر أيامه على إمامة جامع الزيتونة والخطابة فيه، متصدرا للإفتاء وإقراء الفقه والعربية، أخذ عن البرزلي وابن عقاب والأخوين القلشانيين وغيرهم، وعنه أحمد زروق وغيره، له فتاوى بعضها في المازونية والمعيار، وله: التسهيل والتقريب والتصحيح لرواية الجامع الصحيح، الهداية الكافية في شرح الحدود الفقهية لابن عرفة، الجمع الغريب في ترتيب آي مغني اللبيب. توفي سنة ٨٩٤ هـ

[يُنظر: شجرة النور الزكية، (١/ ٢٥٩). و: الأعلام، (٧/ ٥)]
(٢) حدود ابن عرفة لمحمد بن عرفة الورغمي المطبوع مع شرحها: الهداية الكافية الشافية لبيان حقائق ابن عرفة الوافية لمحمد الأنصاري الرصاع، (١٦٢).
(٣) جامع الأمهات، (١٨٠).

<<  <   >  >>