للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرات (١)

وغيرهم، فكان من عمل العلماء بعد تقرر المذاهب أن يبدوا رأيهم في أي الروايتين أرجح؛ فيرجحوا رواية من اطمأنت أنفسهم إليه؛ لازدياد الثقة به، كما رجح الحنفية روايات محمد على غيره من الأصحاب، ورجحوا من كتبه التي رواها عنه الثقات كأبي حفص الكبير (٢) والجوزجاني (٣)، وسموها ظاهر الرواية، وكذلك رجح الشافعية ما يرويه الربيع بن سليمان، حتى ولو تعارض هو والمزني في رواية قدموا رواية الربيع مع اعترافهم بعلو كعب المزني في الفقه وترجيحه في ذلك على الربيع، وضعفوا مايرويه حرملة إذا تعارض معهما، وكذلك المالكية، رجحوا روايات ابن


(١) هو: أبو عبد الله، أسد بن الفرات، الحراني، ثم المغربي، الإمام العلامة القاضي الأمير، مقدم المجاهدين. غلب عليه علم الرأي، وكتب علم أبي حنيفة، وروى عن مالك الموطأ، وعن يحيى بن أبي زائدة، وأبي يوسف القاضي، ومحمد بن الحسن. دخل على ابن وهب، فقال: هذه كتب أبي حنيفة، وسأله أن يجيب فيها على مذهب مالك، فأبى، وتورع، فذهب بها إلى ابن القاسم، فأجابه بما حفظ عن مالك، وبما يعلم من قواعد مالك، وتسمى هذه المسائل الأسدية، دخل القيروان مع أبيه في الجهاد، وكان أبوه الفرات بن سنان من أعيان الجند، ولاه زيادة الله الأغلبي - متولي المغرب - أميرا على الغزاة، فافتتح بلدا من جزيرة صقلية، وأدركه أجله هناك سنة ٢١٣ هـ

[يُنظر: ترتيب المدارك، (٣/ ٢٩١). و: سير أعلام النبلاء، (١٠/ ٢٢٥)].
(٢) هو: أبو حفص، أحمد بن حفص، البخاري، الحنفي، المعروف بأبي حفص الكبير، الإمام، الفقيه، شيخ ما وراء النهر، فقيه المشرق، ووالد العلامة شيخ الحنفية أبي عبد الله محمد بن أحمد بن حفص الفقيه، ارتحل، وصحب محمد بن الحسن مدة، وبرع في الرأي، وله أصحاب لا يحصون، توفي ببخارى سنة ٢١٧ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٠/ ١٥٧). و: الجواهر المضية في طبقات الحنفية، (١/ ١٦٦). و: الفوائد البهية في تراجم الحنفية، (١٨)].
(٣) هو: أبو سليمان، موسى بن سليمان، الجوزجاني، الحنفي، العلامة الإمام، صاحب أبي يوسف ومحمد، وحدث عنهما، وكان صدوقا محبوبا إلى أهل الحديث، وكتب مسائل الأصول والأمالي، توفي بعد المئتين، وله السير والنوادر وغير ذلك.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (١٠/ ١٩٤). و: الفوائد البهية في تراجم الحنفية، (٢١٦)].

<<  <   >  >>