للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقلدًا له فيما قال، كأنه نبي أرسل إليه، وهذا نأيٌ عن الحق، وبعدٌ عن الصواب، لا يرضى به أحد من أولي الألباب» (١).

ويقول صاحب (الفكر السامي) رادًّا على هذا الاتجاه: «وليس مالك أو الشافعي أو أبو حنيفة برسل بعثوا كلّ إلى قطر أو مملكة لا تجوز مخالفتهم ... أو لهم في أرض الله مناطق نفوذ لا يعدوها غيرهم ... ويحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا، وشريعة نبينا - صلى الله عليه وسلم - ليست شريعة جمود وآصار ... ، ولا هي شريعة مانعة للأمة من الترقي والتطور مع الأحوال، بل شريعة صالحة لكل زمان وكل مكان وكل أمة ... ، وذلك لا يتأتى مع الجمود؛ لأن العالم كله متغير ومتطور، ... وقد أفتى بعض علماء أفريقية بجواز المعاملة الفاسدة إذا عم الفساد. نعم ما هو صريح القرآن والسنن المتواترة أو المجمع عليها أو الصحيحة التي اتفقت الأمة على العمل بها وتأييدها فلا سبيل للخروج عنه، وكذلك ما لم تحوجنا إليه ضرورة للخروج عنه من قول راجح أو مشهور» (٢).

النموذج السابع: الاستدراك على التنقل بين المُفتين في المسألة الواحدة بغير حاجة.

في (ترتيب المدارك): «وذكر ابن اللباد (٣):

أن رجلاً سأل البهلول عن مسألة، فأجاب فيها،


(١) (٢/ ٣٧١).
(٢) (٤/ ٢٤٠ - ٢٤١).
(٣) هو: أبو بكر، محمد بن محمد بن وشاح، اللخمي، مولاهم الإفريقي، عرف بابن اللباد، العلامة مفتي المغرب، تلميذ يحيى بن عمر، وعليه عول، سمع من جميع الشيوخ الذين كانوا في وقته كأبي بكر بن عبد العزيز الأندلسي المعروف بابن الخراز، وحبيب بن نصر، وأحمد بن يزيد وأبي الطاهر محمد بن المنذر الزبيدي، وزيدان، وغيرهم. وعليه تفقه أبو محمد بن أبي زيد، وتخرج به أئمة. صنف (عصمة الأنبياء) و (كتاب الطهارة) و (مناقب مالك) .. منعه بنو عبيد من الإقراء والفتيا إلى أن توفي في ١٣٣ هـ.

[ينظر: سير أعلام النبلاء، (١٥/ ٣٦٠). و: الديباج المذهب مع نيل الابتهاج، (٢٤٩)].

<<  <   >  >>