للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في (صحيح البخاري): عَنْ ابن شهاب (١)،

أن سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (٢)، أخبراه عن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا؛ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ آمِينَ (٣).

وأورد في (فتح الباري) ما يحتمله لفظ «إذا أمّن الإمام فأَمنوا» مما قد يصرِف اللفظ عن إرادة معنى أن الإمام ينطق بلفظ (آمين)، مثل أن يكون المراد: دعاؤه في الفاتحة، أو يكون المراد: إذا بلغ موضعًا يستدعي التأمين وهو قوله {وَلَا الضَّالِّينَ} (٤). وغيرها من التأويلات المحتملة، ثم قال مُعلّقًا على قول ابن شهاب: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ آمِينَ»: «وَقَدْ رَدَّهُ اِبْنُ شِهَابٍ بِقَوْلِهِ: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ آمِينَ». كَأَنَّهُ اِسْتَشْعَرَ التَّأْوِيلَ الْمَذْكُورَ، فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: «إِذَا أَمَّنَ» حَقِيقَةُ التَّأْمِينِ» (٥).


(١) هو: أبو بكر، محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب، القرشي الزهري المدني نزيل الشام، فقيه حافظ متفق على جلالته وإتقانه وثبته، أول من دوّن العلم، لزم عبد الملك ثم ابنه الوليد ثم عمر بن عبد العزيز، ثم يزيد، فاستقضى يزيد بن عبد الملك على قضائه الزهري، وسليمان بن حبيب المحاربي جميعا، ثم لزم هشام بن عبد الملك، وصير هشام الزهري مع أولاده، يعلمهم ويحج معهم، توفي سنة ١٢٤ هـ.

[ينظر: سير أعلام النبلاء، (٥/ ٣٢٦). و: تهذيب الكمال، (٢٦/ ٤١٩). و: تقريب التهذيب، (٨٩٦)].
(٢) هو: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف، القرشي الزهري، اسمه كنيته، قاله مالك، وقيل: عبد الله. وقيل: إسماعيل. الحافظ، أحد الأعلام بالمدينة، كان طلابة للعلم، فقيها، مجتهدا كبير القدر، حجة، يناظر بن عباس ويراجعه، توفي بالمدينة سنة ٩٤ هـ.
[يُنظر: سير أعلام النبلاء، (٤/ ٢٨٧). و: تذكرة الحفاظ، (١/ ٦٣)].
(٣) (١/ ١٥٦)، ك الأذان، ب جَهْرِ الْإِمَامِ بِالتَّأْمِينِ، رقم (٧٨٠).
(٤) الفاتحة: ٧.
(٥) (٢/ ٢٦٤).

<<  <   >  >>