للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} (١) مُخَفَّفَة، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّه: هُوَ الَّذِي يُكْرَه. وَلَيْسَ فِي هَذَا أَيْضًا مَا يُقْطَع بِهِ عَلَى أَنَّ ابْن مَسْعُود أَرَادَ أَنَّ الضَّمِير لِلرُّسُلِ، بَلْ يُحْتَمَل أَنْ يَكُون الضَّمِير عِنْدَهُ لِمَنْ آمَنَ مِنْ أَتْبَاع الرُّسُل، فَإِنَّ صُدُور ذَلِكَ مِمَّنْ آمَنَ مِمَّا يُكْرَه سَمَاعه، فَلَمْ يَتَعَيَّن أَنَّهُ أَرَادَ الرُّسُل» (٢).

النموذج السادس: الوصف بعدم التوجّه.

قال في (بداية المجتهد) متحدّثًا عن موقف مالك من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْر وَالْعَصْر جميعًا، وَالْمَغْرِب وَالْعِشَاء جميعًا، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» (٣)، فقال: «وَأَحْسَبُ أَنَّ مَالِكًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِنَّمَا رَدَّ بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ (٤)، لِأَنَّهُ عَارَضَهُ الْعَمَلُ، فَأَخَذَ مِنْهُ بِالْبَعْضِ الَّذِي لَمْ يُعَارِضْهُ الْعَمَلُ، وَهُوَ الْجَمْعُ فِي الْحَضَرِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ عَلَى مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إِذَا جَمَعَ الْأُمَرَاءُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمَعَ مَعَهُمْ، لَكِنَّ النَّظَرَ فِي هَذَا الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الْعَمَلُ كَيْفَ يَكُونُ دَلِيلًا شَرْعِيًّا فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مُتَقَدِّمِي شُيُوخِ الْمَالِكِيَّةِ كَانُوا يَقُولُونَ إِنَّهُ مِنْ بَابِ الْإِجْمَاعِ، وَذَلِكَ لَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّ إِجْمَاعَ الْبَعْضِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ» (٥).


(١) يوسف: ١١٠
(٢) (٨/ ٣٦٩).
(٣) صحيح مسلم، (٣١٨)، ك صلاة المسافرين وقصرها، ب الجمع بين الصلاتين في الحضر، رقم (٤٩ - ٧٠٥) وما بعده.
(٤) لأنه أخذ بالجمع بين المغرب والعشاء ولم يأخذ بالجمع بين الظهر والعصر. ذكره المؤلف قبل هذا الكلام بأسطر.
(٥) (١/ ١٩١).

<<  <   >  >>