للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا ذكروا ما استُدرِك به فإنهم يفسّرونه بالإتباع، ففي (أقرب الموارد): «استدرك ... الخطأ بالصواب: أتبعه به» (١).

وما جاء في (أساس البلاغة) من قوله: «وتدارك خطأ الرأي بالصواب واستدركه. واستدرك عليه قولَه» (٢) يُشعِر بالفرق بين المقامين.

ذلك لأن لفظ (استدراك) يحمل معنيين: معنى اللحوق، وهو أصل مادته، ومعنى الاجتهاد والتعمُّل للّحوق، وهو ما أفادته الإضافة الصرفية، وهو ما يميّزه عن باقي المصادر من هذه المادة، فتُفسّر به مصدريته، فإذا ذُكر هذا المدلول - من إصلاح أو إزالة لبس أو تكميل نقص - الذي دلَّت عليه مصدريته، لم يبق من مدلول الكلمة سوى أصل مادتها، فتُفسَّر به.

٣ - حصر التعريفان موضوع الاستدراك في القول، سواء في المستدرَك عليه، أو في المستدرَك به. وعليه فلا تدخل الأفعال في الاستدراك بالمعنى الاصطلاحي في هذين التعريفين، وسبب ذلك في التعريف الأول يُقال فيه ما قيل في الملاحظة الثانية في المنهج الأول، أما السبب في التعريف الثاني فلعله راجعٌ إلى طبيعة البحث، فهو يبحث في استدراكات السلف في التفسير في القرون الثلاثة الأولى، فمحلّ بحثه هو في الأقوال التي قيلت في تفسير الآيات، وإلاّ فالاستدراك عمومًا يكون بالقول وبالفعل على القول وعلى الفعل (٣).

٤ - ذكر التعريف الأول غرضًا واحدًا من أغراض الاستدراك وهو: رفع التوهم، ويُقال هنا ما قيل في الملاحظة الأولى في المنهج الأول. بينما ذكر التعريف الثاني أغراض الاستدراك الثلاثة وهي: إصلاح الخطأ، وتكميل النقص، وإزالة اللبس. ويُقال هنا في تكميل النقص ما قيل في الملاحظة الخامسة في المنهج الأول.


(١) (١/ ٣٣٠)، مادة (درك).
(٢) (١/ ٢٨٥)، مادة (درك).
(٣) ويأتي مزيد بيان لهذا في شرح التعريف المُختار.

<<  <   >  >>