للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال في (فتح الباري) مستدركًا: «قلتُ: الثاني أولى من ادعاء النسخ؛ لأنه لا يثبت بالاحتمال» (١).

وحديث النهي المقصود في كلام الخطابي هو ما في (صحيح مسلم): عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ (٢)، وَالاِحْتِبَاءِ (٣) فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ» (٤).

فاستدرك ابن حجر على الخطابي في جمعه بين الحديثين بطريقة ادعاء النسخ، فهي طريقة في الجمع لا تصح في حال الاحتمال؛ لأن مقتضى القواعد الأصولية أنّ النسخ لا يُدّعى إلا إذا ثبت المتقدم من المتأخر من النصوص، فمن شروط النسخ أن


(١) ... (١/ ٥٦٣).
(٢) قال النووي: «وأما اشتمال الصماء بالمد فقال الأصمعي: هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده لايرفع منه جانبا، فلا يبقى ما يخرج منه يده. وهذا يقوله أكثر أهل اللغة. قال ابن قتيبة: سميت صماء؛ لأنه سد المنافذ كلها، كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع. قال أبو عبيد: وأما الفقهاء فيقولون: هو أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على أحد منكبيه. قال العلماء: فعلى تفسير أهل اللغة يكره الاشتمال المذكور؛ لئلا تعرض له حاجة، من دفع بعض الهوام ونحوها أو غير ذلك فيعسر عليه أو يتعذر فيلحقه الضرر. وعلى تفسير الفقهاء يحرم الاشتمال المذكور إن انكشف به بعض العورة، وإلا فيكره» [صحيح مسلم بشرح النووي، (١٤/ ٧٦)].
(٣) قال النووي: «وأما الاحتباء - بالمد - فهو أن يقعد الإنسان على إليتيه، وينصب ساقيه، ويحتوى عليهما بثوب أو نحوه أو بيده، وهذه القعدة يقال لها الحبوة بضم الحاء وكسرها». [صحيح مسلم بشرح النووي، (١٤/ ٧٦)].
(٤) (١٠٠٩)، ك اللباس والزينة، ب منع الاستلقاء على الظهر ووضع إحدى الرجلين على الأخرى، رقم (٧٢ - ٢٠٩٩).

<<  <   >  >>