للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ممن يؤخر إلى ربع القامة (١) أفضل في غير الصبح والمغرب، والمصلي خلف إمام المقام كالمصلي خلف غيره».

ثم حكى فتوى أبي العباس أحمد القرطبي (٢) ونصها: «كذلك أقول، غير أن ترتيب الأئمة في الوقت إن كان بإذن الإمام فلا سبيل إلى مخالفته، وإن كان بغير إذنه فكل إمام يحافظ على ما هو الأفضل عند إمامه، ولا يجوز لمتبع إمام أن يخالف مذهب إمامه بغير موجب شرعي».

ثم قال الونشريسي: «وأجاب غيرهما بمثل جوابهما».

وعلّق على هذه الأجوبة فقال: «قلتُ: اتفاق هؤلاء على إجازة ما فعله خلفاء بني العباس من تعدد الأئمة بالمسجد الحرام، كلٌّ في مقام، مع ما فيه من التعرض لتفريق الجماعات، غير سالم من الاعتراض، والله أعلم» (٣).

فاستدرك الونشريسي على تلك الفتاوي بمعيار المقاصد، حيث إن من أعلى مقاصد الشريعة السعي إلى وحدة المسلمين بتجنب السبل المؤدية إلى تفريقهم، وتعدد الأئمة في المسجد الحرام على الصورة المذكورة في الفتوى تتنافى مع هذا المقصد.


(١) قامة كل إنسان سبعة أقدام بقدم نفسه، وأربعة أذرع بذراعه؛ فربعُ القامة ذراعٌ؛ بأن يصير ظل الشخص كذلك زيادة على ظل الزوال. [يُنظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، (١/ ١٧٦). و: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، (١/ ١٨٠)].
(٢) هو: أبو العباس، أحمد بن عمر بن إبراهيم، الأنصاري القرطبي، ضياء الدين، يعرف بابن المزين، فقيه مالكي، وكان يشار إليه بالبلاغة والعلم والتقدم في علم الحديث، وأخذ عنه الناس من أهل المشرق والمغرب. له: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، واختصار صحيح البخاري. توفي سنة ٦٢٦ هـ.
[الديباج المذهب مع نيل الابتهاج، (٦٨). و: الأعلام، (١/ ١٨٦)].
(٣) ... (١/ ٢٠٠ - ٢٠٢).

<<  <   >  >>