للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما القرآن فهو قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}.

والقياس هو قياس التخصيص في الاستعمال في قوله: {مِنْ نِسَائِهِمْ} عند الظهار على التخصيص في الاستعمال في قوله: {مِنْ رِجَالِكُمْ} عند الشهادة.

المنهج: منهج متكامل جمع المنهجين: العقلي والنقلي، وهما مرتبطان لا ينفكان، لأن القياس لا يُمكن فهمه إلا بالآية؛ لأن الآية أصلٌ للقياس، ولا قياس بلا أصل.

وبيان ذلك أن سائلي مجاهد اعتمدوا العموم في لفظ {نِسَائِهِمْ}، وهو يقتضي دخول الإماء في العموم، فبيّن مجاهدٌ أن العموم في مثل هذا قد يُراد به خصوص الأحرار في إطلاق القرآن، ولإثبات ذلك لابد من المنهج النقلي الذي يُثبت هذا الاستعمال في الإطلاق، فكان استدلالُه بآية {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}، المتفق على خروج العبيد منها بين الخصمين هنا (١)، ثم المنهج العقلي بحمل الاستعمال المشكوك فيه في قوله: {مِنْ نِسَائِهِمْ} على الاستعمال المتفق عليه، في قوله: {مِنْ رِجَالِكُمْ}، فكما خرج العبد من قوله: {رِجَالِكُمْ} فلا يُستشهد، فكذلك تخرج الأمة من قوله: {نِسَائِهِمْ} فلا يكون منها ظهار، لجامع الرّق. يقول العيني: «النساء جمع امرأة من غير لفظها، فيتناول الزوجات وغيرها، ولكن تفسير النساء من الزوجات ممكن من حيث قصد الآية يدل على أن المراد الزوجات، وإلا فلفظ النساء من حيث اللغة أعم من الزوجات وغيرها» (٢).


(١) للتوسع في الخلاف في قبول شهادة العبيد: البناية، (٨/ ١٦٢). و: الذخيرة، (١٠/ ٢٢٦). و: المحلى، (١٠/ ٢٨٠).
(٢) البناية، (٥/ ٣٣٣). وللاطلاع على الخلاف في المسألة يُنظر: البناية، (٥/ ٣٣٣). و: بداية المجتهد، (٢/ ١٠٤). و: أحكام القرآن، محمد بن عبد الله بن العربي، (٢/ ٤٦٣). و: تكملة المجموع، (١٩/ ٤٤). و: المُغني، (١١/ ٦٧). و: المحلى، (١١/ ١٢٢).

<<  <   >  >>