للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن ذلك كفاف لا علي ولا لي. فلما أدبر الشاب إذا إزاره يمس الأرض. قال عمر - رضي الله عنه -: ردوا علي الغلام. وقال له: ابن أخي! ارفع ثوبك؛ فإنه أنقى لثوبك وأتقى لربك (١).

وشبيهٌ من هذا الموقف ما حكاه صاحب (تلبيس إبليس) بسنده عن أبي عثمان (٢) في وقت وفاته، حيث مزّق ابنه أبو بكر قميصًا كان عليه، ففتح أبو عثمان عينه، وقال: يا بني! خلاف السنة في الظاهر، ورياء الباطن في القلب (٣).

٣ - التثبت من نسبة القول أو الرأي إلى المستدرَك عليه قبل الحكم، وإن لم يستطع علق الأمر بالافتراض بدون جزم، وتوجه الاستدراك على ذات القول، أو الرأي.

ومن تطبيقات التثبّت من النسبة:

عن أبي صالح الزيات أنه سمع أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ - رضي الله عنه -: يَقُولُ الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ. فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَا يَقُولُهُ. فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: سَأَلْتُهُ، فَقُلْتُ: سَمِعْتَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ وَجَدْتَهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: كُلَّ ذَلِكَ لَا أَقُولُ، وَأَنْتُمْ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنِّي، وَلَكِنْ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: لَا رِبًا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ (٤).

فأبو سعيد - رضي الله عنه - تثبّت من نسبة القول إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - لما بلغه أنه لا يرى بأسًا من التفاضل بين النقدين من جنس واحد إذا كان يدًا بيد، وناقشه فيه (٥).

ويصلح موقف ابن عمر من السائل الذي سأله عن الطواف قبل أن يأتي الموقف نموذجًا في تعليق الأمر بالافتراض، وتوجه الاستدراك إلى ذات الرأي عند ضيق الوقت


(١) رواه البخاري في: (صحيحه)، (٥/ ١٥)، ك فضائل الصحابة، ب قصة البيعة والاتفاق على عثمان - رضي الله عنه -، رقم (٣٧٠٠).
(٢) هو: أبو عثمان، سعيد بن إسماعيل بن سعيد الحيري الرازي المولد، النيسابوري، الصوفي، المحدث، الواعظ، الأستاذ، قال الذهبي: هو للخراسانيين نظير الجنيد للعراقيين. توفي سنة ٢٩٨ هـ.
[يُنظر: حلية الأولياء، (١٠/ ٢٤٤). و: سير أعلام النبلاء، (١٤/ ٦٢)].
(٣) تلبيس إبليس، (١٩٨).
(٤) صحيح البخاري، (٣/ ٧٤)، ك البيوع، ب بيع الدينار بالدينار نساءً، رقم (٢١٧٨ وَ ٢١٧٩).
(٥) وقد تقدم الكلام على رأي ابن عباس في المسألة في (١٩٦).

<<  <   >  >>