للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها بحاجبين. ولما كان الأول منهما في مرتبة الضروريات، والثاني في درجة الحاجيات وضعتُ كتابي هذا لما اشتمل عليه من الصواب مُصحّحًا، ولما عدل به عن صَوْبه منقّحًا، وأضربتُ عما سوى ذلك، مؤثرًا للضروري على الحاجي ومرجحًا» (١).

ومن ذلك ألاّ يشتغل بالاستدراك على المسائل مستحيلة الوقوع أو بعيدة الوقوع على حساب النظر في المسائل الواقعة أو القريبة الوقوع. وفي هذا المعنى يقول الغزالي مُنكرًا على بعض المناظرين: «وربما يكون المناظر في مجلس مناظرته مشاهدًا للحرير ملبوسًا ومفروشًا وهو ساكت، ويناظر في مسألة لا يتفق وقوعها قط، وإن وقعت قام بها جماعة من الفقهاء» (٢). وقال منتقدًا مناظري أهل زمانه: «ولا ترى المناظرين يهتمون بانتقاد المسائل التي تعم البلوى بالفتوى فيها، بل يطلبون الطبوليات (٣) ... وربما يتركون ما يكثر وقوعه، ويقولون هذه مسألة خبرية (٤) أو هي من الزوايا» (٥).

١٠ - الشجاعة في إبداء الاستدراك.

يقول ابن رجب في هذا المعنى: «وسواء الذي بيّن الخطأ صغيرًا أو كبيرًا، فله أسوة بمن رد من العلماء مقالات ابن عباس التي يشذ بها، وأنكرت عليه من العلماء» (٦).

وقال ابن الجوزي في سياق بيان غرضه من تأليف (تلبيس إبليس): «ولا اعتبار بقول جاهل يقول: كيف يرد على فلان الزاهد المتبرك به. لأن الانقياد إنما يكون إلى ما


(١) مع الفروق وحاشية المالكي، (١/ ٦).
(٢) إحياء علوم الدين، (١/ ٤٣).
(٣) الطبوليات هي: «هي المسائل التي يراد بها الشهرة». [حلية طالب العلم، بكر أبو زيد، (١٠)].
(٤) أي مُدرك الحق فيها هو الإخبار. أفاده الغزالي بعد سياق كلامه هذا بقليل.
(٥) إحياء علوم الدين، (١/ ٤٤).
(٦) الفرق بين النصيحة والتعيير، (١٢).

<<  <   >  >>