يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن. فقال قائل: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت» (١)، فالإنسان جبل على حب السيادة، والكفر ملة واحدة.
والذي أثار شجوني هو ما أشاهده من غفلة وانجراف إسلامي غير واع مع إعصار العولمة الكاسح. وحقيقة، فإن ما استثارني لنزول هذه الساحة وتسطير هذه الكلمات هو موقف التقى في ذهني مع اثنان أخر:
والأول: كان في الثاني من إپريل عام ٢٠٠٥م، حينما هلك الپولندي كارول چوزيف فويتيالا Karol Jozef Wojtyla (١٩٢٠ - ٢٠٠٥ م)، الملقب بيوحنا پولس الثاني بابا الفاتيكان Pope John Paul II. فما زلت أذكر ما أبداه بعض دعاة المسلمين من بالغ مشاعر الحزن والأسى على داعية السلام الفريد، والدعاء له بالمغفرة والرحمة وقبول صالح الأعمال! بل وما عبرت به بعض الصحف عن موقف الدعاة بأنه «انعكاس للصورة الحقيقية لإسلامنا العظيم».
فالتقى هذا الأمر في ذهني بآخر: وهو ما صار يروج إليه البعض من قول بأن عداءنا ليس مع اليهود، إنما هو فقط مع الصهاينة منهم؛ وهذا القول على إطلاقه غير مقبول، فقد نتفق معه من جانب ونعارضه من جانب آخر، وَندَع التفصيل إلى موضعه. ولكن الأدهى أنك تجد من بين المسلمين من يتجاوز هذه الدعوة ويرى تطبيع العلاقات مع الدولة الصهيونية اللقيطة ومسايرة الواقع وكأن شيئًا لم يحدث، وكأن الحل (الإسراطيني) لقيام دولتين أو العودة إلى (حدود ٦٧) هو النصر المبين.
ونهاية الملتقى: كان مع ما تواتر على لسان بعض دعاة أهل السنة، خاصة بعد أحداث (الوعد الصادق)! (١٢/ ٧ - ١٥/ ٨/٢٠٠٦م) بين حزب (اللات) الرافضي والكيان الصهيوني، من قول:«أمازلنا نقول سنة وشيعة؟!».
علمًا بأنه ليس مقام تعيين أحد بجرح أو تعديل، فهذا لا يكون لأمثالي، وقد قال
(١) رواه أبو داود (٢٠٢ - ٢٧٥هـ)، كتاب الملاحم: ٤٢٩٧، وصححه الألباني.