للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«أما يهود ألمانيا، فكان من الصعب طردهم من بلادهم بصورة كاملة، لأن ألمانيا كانت مقسَّمة إلى عدة إمارات صغيرة ولم تكن بها دولة مركزية قوية. وقد ضمن هذا الوضع استمرارهم إذ كانوا حينما يُطرَدون من إمارة يلجأون إلى أخرى كما كان الحال في إيطاليا، وعلى عكس ما حدث في فرنسا وإنجلترا وإسپانيا حيث كانت توجد سلطة مركزية قوية نسبيًا. ومع ذلك، يمكننا أن نقول: إن معظم المدن الألمانية طردت اليهود في نهاية الأمر. ومع القرن السادس عشر الميلادي، لم تكن هناك جماعات يهودية إلا في فورمز وفرانكفورت، وكانت تُوجَد جيوب يهودية صغيرة متناثرة داخل الإمارات المختلفة. ونتيجة حروب الفرنجة (الصليبية)، ولأسباب أخرى أيضًا، بدأ التجار اليهود بدعوة من الملوك الپولنديين يستوطنون پولندا في القرن الثالث عشر الميلادي، وذلك لتشجيع التجارة» (١). ومن المفارقات أنه حين بدأت أوروپافي نبذ اليهود، اكتسب يهود أوروپامركزية بين يهود العالم بسبب ثقلهم السكاني، إذ كانوا يشكلون غالبية يهود العالم (٢).

وفي ظل هذه الأحداث والصراعات، ظهر على الساحة الألماني (المُعتَرِض)، مارتن لوثر ..

...

الصَدْع اللوثري:

قبل أن نكمل حديثنا نرجع بالأحداث إلى الوراء قليلًا لإلقاء الضوء على طبيعة الحياة الدينية النصرانية في المجتمعات الأوروپية وقتذاك ..

فيعتبر تنصر الرومان في عهد الإمپراطور قسطنطين الأول Constantine I (٢٧٢ - ٣٣٧ م) تحولًا جذريًا في تاريخ النصرانية، ولقد أبلغ القاضي عبد الجبار المعتزلي (ت. ٤١٥هـ) حينما قال (٣): «فإذا تبينت الأمر وجدت النصارى تروموا


(١) د. عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية (٤/ العصور الوسطى في الغرب).
(٢) السابق (٣/ عصر النهضة (القرنان السادس عشر والسابع عشر)).
(٣) عبد الجبار الهمذاني: تثبيت دلائل النبوة (١/ ١٥٨).

<<  <   >  >>