للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا كانت هذه المقالة، على الرغم من أنها تحتوي بعض الأفكار التي تؤيد نظرية صراع الحضارات لهنتنجتون، تتمسك بالديمقراطية الليبرالية التي لا تزال هي المحرك الرئيس للسياسات العالمية، فإن فوكوياما في المقابلة التي أجراها معه محمد السطوحي ونشرتها مجلة (الكتب: وجهات نظر) في عدد مارس ٢٠٠٢م، بعنوان (فوكوياما يتحدث إليّ: عن الإسلام والأصولية والحداثة)، يبدو أنه ما زال مصرًا على أن الديمقراطية الليبرالية لا يمكن أن تتعايش مع (الإسلام الراديكالي)، أو أن توفِّق بينهما. فهو يرى أن هذا العالم ليس فيه مكان إلا للديمقراطية الليبرالية، وإذا سادت الراديكالية الإسلامية، فإنها ستكون نهاية (نهاية التاريخ)! (١).

أوربان الأمريكي يعلن حربًا صليبية جديدة:

ولقد وفرت أحداث الحادي عشر من سپتمبر المناخ الملائم للمضي في هذه الاستراتيچية الليبرالية في الجزء (التاريخي) من العالم الذي يفتقر إلى الحس الديمقراطي (٢)، ومن الواضح جدًا أن المبدأ المختار للمضي في هذه الاستراتيچية كان مبدأ المخرِّب الإيطالي نيكولو مكيافيللي (١٤٦٩ - ١٥٢٧م)، القائل (٣): «الحرية لا تنال إلا بسفك الدماء»! فلقد كانت الأحداث بمثابة الشرارة التي أشعلت نار «الحرب الصليبية» الجديدة كما تواتر على لسان قائدها، (المؤيد بالله)! (٤)، چورچ بوش (الابن)؛ فبميل أمريكي معهود إلى المبالغة المفرطة في تقويم الأخطار، نصب بوش نفسه حامي حمى السلام العالمي في عصر فردوس ما بعد الحداثة! ومتذرعًا بصد خطر


(١) انظر السابق، ص (٢٧٤)، وانظر نص المقال على موقع المجلة: www.weghatnazar.com
(٢) انظر، محمد النقيد: نظرية نهاية التاريخ، ص (١٠٣).
(٣) نيكولو مكيافيللي: الأمير، ص (٨٥). Niccolo Machiavelli: Il Principe
(٤) تقول باربرا فيكتور: «كلما اقتربت انتخابات ٢٠٠٤م، ظل چورچ دبليو بوش يؤكد بأن الله قد أخبره مباشرة بأنه هو الأثير عند جلاله لرئاسة الولايات المتحدة، فقد صرَّح في ديسمبر ٢٠٠٣م: "لقد اختارني الله لكي أكمل هذه المهمة للأمريكيين جميعًا، ديمقراطيين كانوا أم جمهوريين، مسيحيين كانوا أم يهود، في المحصِّلة أنا في عُهدة جلاله"» اهـ[باربرا فيكتور: الحرب الصليبية الأخيرة، ص (٣٠٠)].

<<  <   >  >>